للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد عقد الإمام ابن القيم فصلًا في غاية النفاسة في هذا الباب نقل فيه عن الأئمة المتقدمين إطلاقهم لفظ الكراهة على ما هو حرام (١).

قال ابن وهب: سمعت مالكًا يقول: لم يكن مِن أمرِ الناس، ولا مَن مضى من سلفنا، ولا أدركتُ أحدًا أقتدي به يقول في شيء: هذا حلال وهذا حرام، ما كانوا يجترئون على ذلك، وإنما كانوا يقولون: نكره ذا، ونرى هذا حسنًا، فينبغي هذا ولا نرى هذا، وقال الإمام أحمد في الجمع بين الأختين بملك اليمين: أكرهُه ولا أقولُ: هو حرام، ومذهبُه تحريمُه، وإنما تورَّع عن إطلاق لفظ التحريم، لأجل قول عثمانَ.

وقال في رواية إسحاق بن منصور: إذا كان أكثرُ مالِ الرجل حرامًا، فلا يُعجبني أن يؤكل مالهُ، وهذا على سبيل التحريم.

وقال في رواية ابنه عبد الله: لا يعجبني أكلُ ما ذُبِح للزُّهرة ولا الكنيسة، وكل شيء ذُبِحَ لغير الله، قال الله ﷿: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [المائدة: ٣] فتأمل كيف قال: لا يعجبني في ما نصَّ الله سبحانه على تحريمه، واحتج هو أيضًا بتحريم الله له في كتابه.

وقد نص محمد بن الحسن أن كل مكروه، فهو حرام، إلا أنه لما لم يجد فيه نصًا قاطعًا، لم يُطلق عليه لفظ الحرام.


(١) "أعلام الموقعين" ١/ ٧١ - ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>