للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الشافعي (١): أخبرني أبو حنيفة بنُ سماك بن الفضل الشهابي، قال: أخبرني ابنُ أبي ذئب، عن المَقْبُري، عن أبي شُريح الكعبي، أن النبي قال عامَ الفتح: "من قُتِلَ له قتيلٌ، فهو بخير النَّظَرين، إنْ أحبَّ أخذَ العَقْلَ، وإن أحبَّ فله القَوَدُ"، قال أبو حنيفة: فقلتُ لابن أبي ذئب: أتأخذُ بهذا يا أبا الحارث؟ فضرب صدري، وصاح عليَّ صياحًا كثيرًا، ونال مني، وقال: أحدَّثُك عن رسول الله وتقولُ: تأخذُ به! نعم، آخذُ به، وذلك الفَرْضُ عليَّ وعلى مَنْ سمعه، إن الله اختارَ محمدًا مِن الناس، فهداهم به وعلى يديه، واختارَ لهم ما اختارَ له وعلى لسانه، فعلى الخلقِ أن يتَّبِعُوه طائعين أو داخرين، لا مخرجَ لِمسلم من ذلك.

وقال الشافعي أيضًا (٢): أخبرنا مسلمٌ وعبد المجيد، عن ابن جُريج، أن طاووسًا أخبره أنه سأل ابنَ عباس عن الركعتين بعدَ العصر، فنهاه عنهما، قال طاووس: فقلتُ له: ما أدعُهُما. فقال ابنُ عباس: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٣٦]. ثم قال الشافعي: فرأى ابنُ عباس الحُجَّةَ قائمةً على طاووس بخبرِه عن النبيِّ ، ودلَّه بتلاوة كتاب الله على أن فَرْضًا عليه ألا تكون له الخِيَرَةُ إذا قضى اللهُ ورسولُه أمرًا.


(١) في "الرسالة" ص ٤٥٠.
(٢) في "الرسالة" ص ٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>