والمنقولُ عن أئمة الحديث المتقدمين كعبدِ الرحمن بن مهدي، ويحيى بنِ القطان، وأحمدَ بنِ حنبل، ويحيى بنِ معين، وعليَّ بن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم (والترمذي) والنسائي والدارقطني وغيرهم اعتبارُ الترجيح فيما يتعلَّقُ بالزيادة وغيرها، ولا يُعرف عن أحدٍ منهم إطلاقُ قبول الزيادة، وأعجبُ من ذلك إطلاقُ كثير من الشافعية القولُ بقبول زيادة الثقة مع أن نصّ الشافعي يدل على غير ذلك.
وقال ابنُ دقيق العيد: مَنْ حكى عن أهلِ الحديث أو أكثرِهم: أنه إذا تعارض رواية مسندٍ ومرسل، أو رافعٍ وواقفٍ، أو ناقصٍ وزائدٍ: أن الحكم للزائد، لم يُصِبْ في هذا الإطلاق، فإن ذلك ليس قانونًا مطّردًا، وبمراجعةِ أحكامهم الجزئية تَعرِفُ صوابَ ما نقول، وبهذا جزم الحافظُ العلائيُّ في "جامع التحصيل" فقال: كلام الأئمة المتقدمين في هذا الفنِ كعبدِ الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وأمثالهم، أنه لا يُحكم في هذه المسألة بِحُكْمٍ كُلِّي، بل عملُهم في ذلك دائرٌ على الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عندَ أحدهم في حديث.
وقول البخاري:"الزيادة من الثقة مقبولة" إنما قاله حين سُئِلَ عن حديث "لا نكاحَ إلا بولي" وقد أرسله شعبة وسفيان - وهما جبلانِ فىِ الحفظ، وأسنده إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي في آخرين، فقال البخاري "الزيادة من الثقة مقبولة" وحَكَم لِمَنْ وَصَلَه.