للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ،

ــ

فإنه وقت شريف مبارك يستجاب فيه الدعاء، فإن قلت: كيف جاز أن تكون الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- واحدة وعلى المصلي عشرًا؟ قلت: الوحدة قيد فعل المصلي، وهو التصلية لا الصلاة نفسها؛ فإنه لم يقل: اللهم صل عليه صلاة واحدة، بل دعا اللَّه وسأل منه أن يصلي عليه، ولعله سبحانه يصلي على حبيبه أكثر، وأكثر مما يشاء المصلي، ويجد جزاءه عشرًا بحكم: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠] فافهم، أو تكون الصلاة الواحدة النازلة من جناب القدس على الحبيب المصطفى أفضل وأكمل وأتم من العشر الصلوات التي تصل إلى المصلي بمراتب لا تعدّ ولا تحصى.

وقوله: (ثم سلوا اللَّه لي الوسيلة) والوسيلة في الأصل: ما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به، قيل: ما يتقرب به إلى الكبير، وقال في (القاموس) (١): الوسيلة والواسلة: المنزلة عند الملك، والدرجة والقرب، ووسّل إلى اللَّه توسيلًا: عمل عملًا يقرب (٢) إلى اللَّه تعالى كتوسَّل، انتهى. والمراد بما ورد في الحديث: القرب من اللَّه تعالى، وقد وقع في حديث مسلم هذا تفسيرها بـ (منزلة في الجنة)؛ لأن التوصل إليها يكون قريبًا من اللَّه سبحانه، فيكون كالقربة التي يتوصل بها إليه تعالى فيرجع إلى الأول، وكذلك في الحديث الآتي عن جابر -رضي اللَّه عنه-.

وقول الطيبي (٣): أما الوسيلة المذكورة في الدعاء المروي [عنه] بعد الأذان فقيل:


(١) "القاموس المحيط" (ص: ٨٩٥).
(٢) كذا في النسخ المخطوطة: "يقرب إلى اللَّه"، وفي "القاموس": "تقرب به إليه".
(٣) "شرح الطيبي" (٢/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>