هذه العبارة أن المضاعفة فيه خاصة بما كان مسجدًا في حياته -صلى اللَّه عليه وسلم- لا بما زيد بعد حياته، يعني أن الإشارة بـ (هذا) تفيد ذلك، والمختار عند الجمهور أن الحكم بالمضاعفة يشتمل ما زيد عليه، فقد ورد (لو مدّ هذا المسجد إلى صنعاء اليمن كان مسجدي)، وقال عمر -رضي اللَّه عنه-: (لو مدّ مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى ذي الحليفة لكان فيه)، وأيضًا قيام عمر وعثمان -رضي اللَّه عنهما- في الصلاة في الزيادة يدل على ذلك، وإلا لم يتصور ترك إدراك الفضيلة.
وقال ابن تيمية: لم يظهر من أحد من السلف والخلف خلاف في ذلك، نعم مقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعظم وأفضل من سائر المقامات، انتهى. ولعل مقصوده المبالغة في الرد على من يخالف في ذلك، وقد نقل المحب الطبري رجوع النووي من تلك المقالة، كذا في تاريخ السمهودي، ولا يخفى ضعف ما تمسك به النووي، فإن الظاهر أن إتيان اسم الإشارة للتميز والتعظيم، ويحتمل أن يكون احترازًا عن مسجد قباء.
ثم لا يخفى أن الحكم في غير الصلاة من العبادات كذلك في المضاعفة، وقد روى ذلك البيهقي عن جابر، كذا ذكر في (فتح الباري)(١).
وقوله:(خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) الاستثناء يحتمل احتمالات متعددة، والذي يظهر من الأحاديث الواردة في الباب أن الصلاة في المسجد الحرام تفضل الصلاة في مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد ورد أن الصلاة في مسجد الحرام بمئة ألف صلاة، وحمله المالكية على أن الصلاة بمسجد المدينة أفضل منها بمسجد مكة بأقل من ألف؛ لأن مذهبهم أن المدينة أفضل من مكة، وللقائلين بأفضلية المدينة