أو لبعده من الأقذار والخبث وتنزهه عنها، وقيل: لأنه أقصى بالنسبة إلى مسجد المدينة وأبعد من المسجد الحرام، هذا الوجه لا يجري في تسميته به في قوله تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[الإسراء: ١]؛ لأنه لم يبن حينئذ مسجد المدينة.
٦٩٤ - [٦](أبو هريرة) قوله: (ما بين بيتي ومنبري) وفي رواية: (قبري ومنبري)، وفي رواية عند الطبراني:(ما بين حجرتي ومصلاي) والمؤدى واحد؛ لأن قبره -صلى اللَّه عليه وسلم- في بيته، وبيته حجرة أم المؤمنين عائشة -رضي اللَّه عنهما-، وهي حجرته ومصلاه، أي: موضع صلاته عند منبره، وليس المراد بالمصلى مصلى العيد الذي هو خارج المدينة في جانب طريق مكة بقرينة باقي الروايات، وقد حمله بعضهم عليه، وقد نقل أن سعد بن أبي وقاص -رضي اللَّه عنه- بنى بيتًا بينه وبين المسجد بعد سماع هذا الحديث.
وقوله:(روضة من رياض الجنة) والروضة في الأصل: البستان في غاية النضارة، وفي (الكشاف): كل أرض ذات نبات وماء، اختلفوا في تأويل كونه روضة من رياض الجنة، فقيل: إن العبادة فيه تؤدي إلى روضة الجنة، أو جعل الروضة كما جعل حلق الذكر رياض الجنة؛ فإنه لا يزال مجمعًا للملائكة والجن والإنس، يذكرون اللَّه، أو كروضة الجنة في حصول الرحمة والسعادة، وهذا القول لا يخلو عن بُعد؛ لأنه خلاف ظاهر اللفظ، وقد يشترك فيه سائر المساجد وبقاع الخير، وقال أهل التحقيق: إن الكلام محمول على الحقيقة، إما بأن ينقل هذا المكان يوم القيامة إلى الفردوس الأعلى، ولا يفنى ولا يستهلك مثل سائر بقاع الأرض.