للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفرض العملي الشامل للواجب، فارتفع الخلاف، ثم قال: ومقتضى الدليل في كل من الطمأنينة والقومة والجلسة الوجوب، انتهى.

وقال أبو حنيفة ومحمد -رحمهما اللَّه- في عدم فرضية الاطمئنان في الركوع والسجود: إنهما مطلوبان بقوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧]، ولا إجمال فيهما ليفتقر إلى البيان، ومسماهما يتحقق بمجرد الانحناء ووضع بعض الوجه مما لا يعدّ سخرية مع الاستقبال، فخرج الذقن والخد، والطمأنينة دوام على الفعل لا نفسه، فهو غير المطلوب به، فوجب أن لا تتوقف الصحة عليها بخبر الواحد، وإلا كان نسخًا للإطلاق المقطوع به، وهو ممنوع عندنا، مع أن الخبر يفيد عدم توقف الصحة عليه، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ما انتقصت من هذا شيئًا فقد انتقصت من صلاتك شيئًا)، أخرج هذه الزيادة أبو داود والترمذي والنسائي في حديث المسيء صلاته.

فأبو داود من حديث أبي هريرة، والترمذي عن رفاعة بن رافع -رضي اللَّه عنهما- قال فيه: (فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وإن انتقصت منه شيئًا انتقصت من صلاتك)، وقال: حديث حسن، فسماها صلاة، والباطلة ليست بصلاة، ووصفها بالنقص، والباطلة إنما توصف بالانعدام، فعلم أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما أمره بإعادتها ليوقعها على غير كراهة لا للفساد، وأيضًا لو كانت الأمور المذكورة فرائض ما تركه -صلى اللَّه عليه وسلم- بفعله مرارًا، ولمنعه منها أول مرة لما قرّره عليها، فوجب حمل قوله: (فإنك لم تصل) على الصلاة الخالية عن الإثم على قول الكرخي، أو المسنونة على قول الجرجاني، والأول أولى لأن المجاز حينئذ في قوله: (لم تصل) يكون أقرب إلى الحقيقة، ولأن المواظبة دليل الوجوب.

وقد سئل محمد عن تركها فقال: إني أخاف أن لا تجوز، وعن السرخسي: من ترك الاعتدال تلزمه الإعادة، ولا إشكال في وجوب الإعادة، إذ هو الحكم في كل صلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>