للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ قَالَ: "ذَاكَ شَيْءٌ. . . . .

ــ

ومن الكهنة من يزعم أن له تابعًا من الجن يلقي إليه الأخبار، ومنهم من يدعي معرفة الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله، وهذا القسم يسمى عرّافًا كمن يدّعي معرفة المسروق ومكان السرقة والضالة ونحوهما.

وحديث: (من أتى كاهنًا)، يشمل الكاهن والعرّاف والمنجّم، وإتيانهم حرام بإجماع المسلمين؛ لأنهم يتكلمون بمغيبات، قد يصادف بعضها الإصابة فيُخاف الفتنة؛ ولأنهم يلبّسون كثيرًا من الشراع، ونفت المعتزلة وبعض المتكلمين القسمين، والحق وجودهما، ولكن منعه الشرع، كذا في (مجمع البحار) (١).

وقوله: (منا رجال يتطيرون) التطير: أخذ الفأل الشؤم، من الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء، وقد تسكن، قال في (القاموس) (٢): [الطِّيَرَةُ و] الطِّيْرَةُ والطُّوْرَةُ: ما يتفاءل (٣) به من الفأل الرديء، وأصله أنهم كانوا يأتون الطير أو الظبي فينفرونه، فإن أخذ ذات اليمين مضوا إلى ما قصدوا وعدُّوه حسنًا، وإن أخذ ذات الشمال انتهوا عن ذلك وتشاءموا به، وكذا إن عرض في طريقهم، فإن مرّ من اليمين إلى الشمال تشاءموا، وإن مر من الشمال إلى اليمين مضوا، والتفاؤل قد يجيء شاملًا للتطير وغيره، وأكثر ما يستعمل في الفأل الحسن، وهو غير ممنوع، وذلك باستنباط معنى الخير، وذلك مسنون، وقد يأتي ذكره في بابه إن شاء اللَّه تعالى، بخلاف التطير فإنه ممنوع.

وقوله: (ذاك) أي: التطير شيء يجدونه في نفوسهم من الوهم والشؤم للكف


(١) "مجمع بحار الأنوار" (٤/ ٤٦٠).
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ٤٠٣).
(٣) في "القاموس": "ما يُتَشاءَمُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>