(موطئه) آثارًا كثيرة عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- وغيره من الصحابة والتابعين أنهم كانوا ينزلون للوتر، وأورد عن مجاهد قال: صحبت ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- من مكة إلى المدينة، فكان يصلي الصلوات كلها على راحلته متوجهًا إلى جهة المدينة ويومئ بركوع وسجود، وجعل سجوده أخفض إلا الفرائض والوتر، فإنه كان ينزل لهما، فسألته عن ذلك فقال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل كذلك.
وقال الشُّمُنِّي: ولا يجوز صلاة الجنازة والمنذور وسجدة التلاوة التي قرأها على الأرض.
وثانيهما: أن الصلاة على الدابة يشرط لها السفر، وعليه الجمهور، وهو رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما اللَّه؛ لأن جوازها إنما هو للضرورة لئلا تنقطع القافلة، والنافلة مخصوصة بحالة السفر، والصحيح من مذهب أبي حنيفة رحمه اللَّه أن الشرط كون المصلي خارج المصر سواء كان مسافرًا أو غير مسافر لتحقق بعض الضرورات فيه أيضًا من غير سفر، ونحن نقول: الأحاديث الواردة في الباب بعضها مطلق، وبعضها مقيد بالسفر، فان لم يحمل المطلق على المقيد كما هو المذهب عندنا سقط قيد السفر، وإن حمل ببعض القرائن والدلائل مثلًا لزم التقييد بالسفر، ويكون التجويز خارج المصر بالقياس أو دلالة النص، ولعل ورود الروايتين، وأصحية رواية الإطلاق تنشأ من هذه النكتة، ثم المسافر إن كان داخل المصر لم يجز له التنفل على الدابة عند أبي حنيفة، وقال محمد: يجوز ويكره، وقال أبو يوسف: لا بأس به؛ لأنه روي أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ركب الحمار في المدينة يعود سعدَ بْنَ عبادة، وكان يصلي وهو راكب، كذا في شرح (الهداية)(١).