للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي الْمَغْرِبِ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَإِنِ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ. [د: ١٢٢٠، ت: ٥٥٣].

ــ

وأيضًا خصه بعضهم بحالة عذر زائد على السفر، وعند بعضهم جاز جمع التأخير دون التقديم، وهو مروي عن الإمام أحمد رحمه اللَّه، وأيضًا عنده مقيد بحالة السير، والمشهور من مذهبه الجواز مطلقًا، وعند الإمام أبي حنيفة رحمة اللَّه عليه لا يجوز مطلقًا، ونحن نقول في إثباته وباللَّه التوفيق: إن تعين أوقات الصلاة قطعي وثابت بالتواتر الذي لم يتطرق إليه شبهة حتى عدوا تأخير الصلاة عن وقته من الكبائر، قال محمد رحمه اللَّه في (موطئه) (١): قد بلغنا عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أنه كتب إلى حكامه في الآفاق، ونهاهم أن يجمعوا بين الصلاتين في وقت واحد، وأخبرهم بأن الجمع بين الصلاتين في وقت واحد كبيرة من الكبائر، قال محمد: أخبرنا بذلك الثقات عن العلاء ابن الحارث أنه روى ذلك عن مكحول، وإذا كان تعيين أوقات الصلاة قطعيًا متواترًا لم يعارضه خبر الآحاد بخلاف الإفطار والقصر في السفر؛ فإنهما ثبتا بالنص القرآني.

وروى البخاري ومسلم (٢) عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: ما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى صلاة في غير وقتها إلا المغرب والعشاء جمع بينهما بمزدلفة، وقد جاء الجمع بين الظهر والعصر في عرفات، وكان ذلك من جهة مناسك الحج دون السفر، ثم لم يكن الجمع من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دائمًا بل الذي روي من ذلك ووقع التصريح به في الأحاديث إنما هو في غزوة تبوك، ولم يثبت فيه أيضًا الدوام، والتحقيق أن كلمة (كان) لا يدل على الدوام والاستمرار كما حقق في موضعه، ولا يخفى ذلك على المتدبر.


(١) "التعليق الممجد" (١/ ٣٠٧).
(٢) "صحيح البخاري" (١٦٨٢)، و"صحيح مسلم" (١٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>