للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وروي في (جامع الأصول) (١) من حديث أبي داود عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه قال: لم يجمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قط بين المغرب والعشاء في سفر إلا مرة واحدة، وأورد عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه لم يجمع إلا ليلة حين استُصرخ (٢) على امرأته صفية بنت أبي عبيد فخرج إليه فجمع، وفي رواية: لم يجمع إلا مرة أو مرتين، وأورد من حديث الترمذي سئل سالم بن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهم- أكان يجمع عبد اللَّه في ليلة الصلاتين في السفر؟ قال: لا إلا بالمزدلفة، والأحاديث في جمع التقديم أقل قليل في الصحاح.

واختلفت روايات البخاري في ذلك، ولهذا ذهب كثير من الأئمة إلى عدم جواز جمع التقديم، ولم يقولوا إلا بجمع التأخير في بعض الأحيان، وتأويله عندنا أن المراد بالجمع بين الصلاتين أن تؤخر الصلاة الأولى وتؤدى في آخر وقتها، وتعجل الثانية وتؤدى في أول وقتها، وسماه بعضهم الجمع الصوري وهو جمع صورة وليس بجمع في الحقيقة والمعنى، وإطلاق الجمع على مثل هذه الصورة التي حمل عليها الحنفية الجمع في السفر، وقد جاء في (باب الاستحاضة) في حديث حمنة بنت جحش كما سبق، فتدبر.

ولفظ الحديث وإن جاء في بعض الروايات هكذا: جمع فصلى الظهر والعصر في وقت العصر، فهو إن صح محمول على هذا المعنى للدلائل التي ذكرناها، وتحقق التخفيف ورفع الحرج الذي ذكر في بعض الأحاديث من أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك لئلا يوقع أمته في حرج ومشقة، حاصل فيما ذكرنا، ومعرفة آخر الوقت ظاهرة في المغرب، وكذا في الظهر ميسرة بحسب الظن والتخمين خصوصًا في صورة كثرة القافلة وكثرة الناس الذين لهم مهارة في معرفة الوقت، فلا يرد ما قالت الشافعية العمل بهذه الطريقة التي


(١) "جامع الأصول" (٥/ ٧١٣).
(٢) كذا في نسخة (ع)، وفي نسخة (ب) و (ر) و (د) و (ك): "استصرح"، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>