للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذكرتم فيه حرج ومشقة، وفي تعيين آخر الوقت وأوله إشكال للخواص فما بال العوام، وقد أخرج أبو داود (١) عن علي -رضي اللَّه عنه- أنه كان إذا سافر يسير بعد غروب الشمس إلى أن تغرب غيبوبة الشفق فينزل ويصلي المغرب، فيدعو الطعام ويتعشى، ثم يصلي العشاء ويرتحل، ويقول: هكذا كان يفعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقال محمد في (موطئه) (٢): بلغنا عن ابن عمر أنه صلى المغرب أخرها إلى قبيل غروب الشفق على خلاف رواية مالك رحمه اللَّه حتى غاب الشفق.

وفي (جامع الأصول) (٣) عن أبي داود عن نافع وعبد بن واقد أنه قال مؤذن ابن عمر: الصلاة، فقال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: سر حتى كان قبيل غروب الشفق نزل وصلى المغرب، فانتظر حتى غاب الشفق، وصلى العشاء، ثم قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما عجله أمر يفعل كما فعلت، وجاء في رواية النسائي: حتى إذا كان آخر الشفق، فهذه روايات تنظر إلى الجمع على طريق ذهب إليه الإمام أبو حنيفة، وقد جاء في ذلك روايات كثيرة، والظاهر أن الروايات في عدم الجمع والجمع في وقت واحد والجمع بمعنى التأخير إلى آخر الوقت واردة فيها كلها، فاختار أبو حنيفة عدم الجمع، والجمع بالمعنى الأخير احتياطًا، واختيارًا لمحافظة الوقت لا ردًّا وإنكارًا لأحاديث الجمع.

وقال الشيخ في (فتح الباري) (٤): إن الشافعية قالوا: إن ترك الجمع أفضل، وفي رواية عن مالك أن الجمع مكروه، وكان فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- لبيان الجواز، هذا ما تيسر لنا الكلام


(١) "سنن أبي داود" (١٢٤٣).
(٢) "التعليق الممجد" (١/ ٣٠٥).
(٣) "جامع الأصول" (٥/ ٧١٣).
(٤) "فتح الباري" (٢/ ٥٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>