للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ. رَوَاهُ فِي "الْمُوَطَّأ". [ط: ٣٤٢].

ــ

و(البرد) جمع بريد وهي أربعة فراسخ، فأربعة برد تكون ستة عشر فرسخًا، والفرسخ ثلاثة أميال، وميل الأرض منتهى مد البصر؛ لأن البصر يميل إلى وجه الأرض إلى أن يفنى إدراكه، وقال بعضهم: حده أن ينظر إلى شخص في أرض مستوية ولا يدري أنه رجل أو امرأة أو ذاهب أو جاءٍ، وقدره بعضهم بستة آلاف ذراع، والذراع أربعة وعشرون أصبعًا على عرض، وهذا القول أشهر، وقيل: اثنا عشر ألف قدم [بقدم] الإنسان، وقيل: أربعة آلاف ذراع، وقيل: ثلاثة آلاف، كذا في (فتح الباري) (١).

ثم اعلم أنهم قالوا: لم يثبت في كتاب ولا سنة نص قطعي في مسافة معينة، والذي وقع فيهما مطلق السفر، والمسافر والأسفار التي قصر فيها متفاوتة، بعضها قريب وبعضها بعيد كما يظهر من الأحاديث، ولكن للصحابة والتابعين ومن بعدهم في تحديده اختلافًا كثيرًا، والذي عليه أئمة المذاهب الأربعة أن الشافعي قدره في قول بيوم وليلة، وفي قول آخر بيومين كما في (الهداية) (٢) وشروحه، وفي (الحاوي) (٣) في مذهبهم: عينه ستة عشر فرسخًا وهي ثمان وأربعون ميلًا وهي أربعة برد، وهو قول مالك وأحمد، وتمسكوا بحديث جاء عن ابن عباس وابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قالا: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا أهل مكة! لا تقصروا في أقل من أربعة برد في مثل ما يكون بين مكة إلى عسفان، رواه أحمد، وكذا في رواية (الموطأ) عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. وفي رواية: من مكة إلى الطائف، وفي رواية: من مكة إلى جدة، وفي صحة هذه الأحاديث كلام.

وعند أبي حنيفة رحمه اللَّه المعتبر مسافة ثلاثة أيام بسير إبل ومشي أقدام، قال


(١) "فتح الباري" (٢/ ٥٦٧).
(٢) "الهداية" (١/ ٨٠)، و"فتح القدير" (٢/ ٢٩ - ٣٠).
(٣) "الحاوي" (٣/ ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>