للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٣٥ - [١٠] وَعَنِ الْبَرَاءَ قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نبدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ نُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ شَاةُ لَحْمٍ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ،

ــ

وإشاعته، وقيل: لغيظ الكافرين وترهيبهم بإظهار شوكة الإسلام ورفعة إعلام الدين ولعزة أهله وكثرتهم، وقيل: حذرًا من كيد أعداء الدين، وفيه نظر؛ لأنه لو كان كذلك لم يكرره؛ لأنهم يترصدونه في طريق الرجوع على تقدير العلم بطريق الخروج، فافهم.

وقيل: ليشمل مسلمي الطريقين ويعمهما بالبركة وبرؤيته، والانتفاع في قضاء حوائجهم في الاستفتاء والتعلم والاسترشاد والصدقة والسلام عليهم، وقيل: ليتفاءل بتغير الحال إلى المغفرة والرضى والترقي بمقام القرب والوصول، يعني إذا تغير الطريق تغير الحال، ولا يخلو هذا الوجه عن خفاء، فافهم. وقيل: كان في ذهابه يتصدق، فإذا رجع لم يبق معه شيء، فيرجع في طريق أخرى؛ لئلا يرد من يسأله، وهذا الوجه لا يقتضي الاعتياد، بأنه يُدَّعى بأنه كان البتة يتصدق بجميع ما معه ولا يبق شيئًا، ولا يخفى بعده.

وقيل: فعل ذلك لتخفيف الزحام، وقيل: كان طريقه التي يتوجه منها أبعد من التي يرجع فيها، فأراد تكثير الأجر بتكثير الخطى في الذهاب، وتعقب بأن أجر الخطى يكتب في الرجوع أيضًا كما صرحوا في الحج، وثبت عند الترمذي وغيره من حديث أبي بن كعب إلا أن يخص ذلك بالحج، واللَّه أعلم. ولو عكس هذا الوجه لكان له وجه، ويكون سلوك الطريق القريبة للمبادرة إلى فعل الطاعة وإدراك فضيلة أول الوقت، ولا يخفى أن كل ما ذكر احتمالات يمكن وجودها جمعًا وفرادى، واللَّه أعلم بأسرار ومصالح أفاض على حبيبه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتقصر عقول الخلق عن إدراكها، ففي كل فعل من حركة وسكون له -صلى اللَّه عليه وسلم- من دقائق الحكم والأسرار ما لا يحيط به سواه، واللَّه أعلم.

١٤٣٥ - [١٠] (البراء) قوله: (شاة لحم) الإضافة بيانية، أي: شاة هي مجرد

<<  <  ج: ص:  >  >>