للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلَّا هَذَا الْيَوْمَ: يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٢٠٠٦، م: ١١٣٢].

ــ

وقوله: (إلا هذا اليوم يوم عاشوراء) وقيل: لعل هذا على فهم ابن عباس، وإلا فيوم عرفة أفضل الأيام (١) ما عدا الجمعة، فبينهما اختلاف، والمختار هو الأول، وعاشوراء بالمدّ والقصر، وكذا عشوراء وعاشور اسم لليوم العاشر من المحرم، وقيل: لليوم التاسع، كذا في (القاموس) (٢)، وسيجيء أن الصواب هو الأول، ثم قيل: عاشوراء اسم لليلة، ويوم عاشور بالإضافة بمعنى يوم الليلة العاشوراء، وبعد غلبة الاسمية ترك ذكر الموصوف، كذا ذكره بعضهم.


(١) قال القاري (٤/ ١٤١٢): وَدُفِعَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي فَضْلِ الصَّوْمِ فِي الْيَوْمِ لَا فِي فَضْلِ الْيَوْمِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ الْيَوْمَ أَيْضًا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، انتهى. وقال الحافظ (٤/ ٢٤٩): هذا يقتضي أن يوم عاشوراء أفضل الأيام للصائم بعد رمضان لكن ابن عباس أسند ذلك إلى علمه فليس فيه ما يرد علم غيره، وقد روى مسلم من حديث أبي قتادة مرفوعًا: "إن صوم عاشوراء يكفر سنة وإن صيام يوم عرفة يكفر سنتين" وظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء، وقد قيل في الحكمة في ذلك: إن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام، ويوم عرفة منسوب إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلذلك كان أفضل، انتهى.
وقال الإمام ولي اللَّه الدهلوي في "حجة اللَّه البالغة" (٢/ ٨٤): اعلم أن السِّرّ فِي صَوْم عَرَفَة أَنه تشبُّهٌ بالحاجِّ، وَتَشَوُّقٌ إِلَيْهِم، وَتعرُّضٌ للرحمة الَّتِي تنزل عَلَيْهِم، وسِرُّ فَضله على صَوْم يَوْم عَاشُورَاء أَنه خوض فِي لُجَّةِ الرَّحْمَة النَّازِلَة ذَلِك الْيَوْم، وَالثَّانِي تعرُّضٌ للرحمة الَّتِي مَضَت، وَانْقَضَت، فَعَمِدَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى ثَمَرَة الْخَوْض فِي لجة الرَّحْمَة -وَهِي كَفَّارَةُ الذُّنُوب السَّابِقَة، والنُّبُوُّ عَنِ الذُّنُوب اللاحقة بأن لا يقبلهَا صميم قلبه-، فَجَعلهَا لصوم عَرَفَة، وَلم يَصُمْه رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي حجَّته، لما ذكرنا فِي التَّضْحِيَة وَصَلَاةِ الْعِيد من أَن مبناها كلّهَا على التَّشَبُّه بالحاج، وَإِنَّمَا المتشبهون غَيرهم. انتهى.
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>