للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كفَّارَةٌ لهُ (١)،

ــ

وقوله: (بين أيديكم وأرجلكم) أي: من عند أنفسكم والناس براء منه، واليد والرجل كنايتان عن الذات، أو كفاحًا يشاهد بعضهم بعضًا، أو تنشؤونه من ضمائركم بناءً على الظنون الفاسدة، أو ما بين الأيدي والأرجل من الإنسان هو القلب لأنه في الصدر، أو نسب الافتراء إلى الأيدي والأرجل من جهة أنها عوامل وحوامل وإن شاركها سائر الأعضاء، وقد وقعت هذه العبارة في مبايعة النساء، وفسر بأن لا يأتين بولد من غير أزواجهن فينسبنه إليهم على بعض المعاني المذكورة، أو المراد من بين الأيدي والأرجل الفروج (٢).

وقوله: (ولا تعصوا في المعروف) (٣) والمعروف: اسم لكل ما عرف وجهه في الشرع واستحسن فيه كالشخص الذي يعرف، ويقابله المنكر: وهو الشخص الذي لا يعرف.

وقوله: (فمن وفّى) فيه إشارة إلى أن وجوب الأجر إنما هو على تقدير الإتيان بالكل والاستيفاء، فمن أخل بشيء من ذلك استحق العقاب.


(١) قوله: "فهو كفارة له" استدل به الشافعية على أن الحدود كفارات لأهلها، ولم يقل به الحنفية، وقد بسط الكلام في "فيض الباري" (١/ ١٦٠)، و"الكنز المتواري" (٢/ ١٤٩).
(٢) في "التقرير": أو المراد: المواجهة، يقال: بين أيديكم أي: تجاهكم، فذكر الأرجل إذًا للتأكيد، أو الأيدي في الحال، والأرجل في المآل، لأن السعي بالرجل.
(٣) في "التقرير": قيد به مع أن أوامره عليه الصلاة والسلام كلها معروفة، تنبيهًا على أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولأن القيد إذ يكون في عصيانه عليه الصلاة والسلام فغيره أولى، كذا في "تفسير أبي السعود" (٦/ ٢٣٩)، و"الجمل" (٤/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>