إلى لذة الشهوة والغضب، بل لا يبقى له حظ إلا في اللَّه، ولا يكون له شوق إلا إلى لقاء اللَّه، ولا فرح إلا في القرب من اللَّه، اللهم قدِّسنا عن كل صفة رديئة، وطهِّر ظواهرنا وبواطننا عن الركون إلى ما سواك، حتى لا يبقى لنا حظ إلا فيك، ولا شوق إلا إلى لقائك، ولا فرح إلا في القرب منك، آمين.
وقوله:(السلام) مصدر نُعِتَ به، وهو الذي يسلم ذاته عن العيب، وصفاته عن النقص، وأفعاله عن الشر، أي: الشرِّ المطلق المراد لذاته، لا لخيرٍ حاصلٍ في ضمنه أعظم منه، فأفعال اللَّه تعالى سالمة عن الشر؛ لأنه رحيم يريد الخير للمرحوم، وليس في الوجود شر إلا وفي ضمنه خير، ولو رفع الشر لبطل الخير الذي في ضمنه، وحصل ببطلانه شر أعظم من الشر الذي يتضمنه، فاليد المتآكلة قطعها شر في الظاهر، وفي ضمنها الخير الجزيل وهو سلامة البدن، والمراد الأولُ السابقُ إلى نظر القاطع: السلامة التي هي خير محض، فلذلك قال:(سبقت رحمتي على غضبي)، فالسلامة مطلوب لذاتها، والقطع مطلوب لغيره، فالخير مقضي بالذات والشر مقضي بالعَرَض.
قال الإمام الغزالي (١): وإن خطر ببالك نوع من الشر لا ترى تحته خيرًا، أو خطر لك أنه كان تحصيل ذلك الخير ممكنًا لا في ضمن الشر، فاتَّهم عقلك القاصر في [أحد] الخاطرين، أما الأول: فإنك فيه مثل الصبي الذي يرى الحجامة شرًّا محضًا، ومثل الغبي الذي يرى القتل قصاصًا شرًا محضًا، وأما الثاني: فإنه دقيق غامض يقصر عنه الأكثرون، وتحته سِرٌّ يمنع عن إفشائه فاقنع بالإيماء، ولا تطمع في الإفشاء، انتهى.
(١) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ٦٥).