للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولعل ذلك السر الذي يمنع عن إفشائه: أنه لابد حينئذٍ أن يبين أنه لا بد من وجود الشر، ولا يكون خير محض لا يكون في ضمن الشر، ويتوهم من ذلك عدم قدرة الحق سبحانه على إيجاد الخير بدون الشر يكون الخير في ضمنه، ويتوهم أن إيجاد الشر شر وإن كان في ضمنه خير، والكمال إيجاد الخير المحض لا في ضمن الشر، وحله: أن ذلك مقتضى الصفات القهرية، فلا بد من ظهورها، والكمال المطلق الاتصافُ بكلا النوعين من الصفات اللطيفة والقهرية، والجمالية والجلالية، وهو ذو الجلال والإكرام، وإن يظهر آثار كل منها فلا بد أن تقع تلك الشرور الظاهرة، ولكن لطفه ورحمته سابقة على غضبه وقهره، فالسابق في الإرادة أولًا وبالذات الخير الذي في ضمنها، وليس هذا سر يمنع في الشرع ذكره، فإن صاحب الشرع يقول: الخير والشر كلاهما مخلوق اللَّه، ولكن مقتضى رحمته أن في ضمن الشر الخير، واللَّه أعلم.

وقال الطيبي (١) في الفرق بين القدوس والسلام: إن القدس يدل على براءة الشيء عن نقص يقتضيه ذاته وطهارته في نفسه، ولذا جاء الفعل منه على باب كرُم وشرف، والسلام يدل على نزاهته عن نقص يعتريه لعروض آفة، وقد قيل: القدوس فيما لم يزل، والسلام فيما لا يزال، وهذا قريب من الأول.

هذا وقد يُجعل بمعنى المسَلِّم على المؤمنين كما قال: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: ٥٨].

قال الإمام (٢): وكل عبد سَلِم عن الغش والحقد والحسد وإرادة الشر قلبُه، وسلم من الآثام والمحظورات جوارحُهُ، وسلم عن الانتكاس والانعكاس صفاته، فهو الذي


(١) "شرح الطيبي" (٥/ ١٦).
(٢) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>