يأتي اللَّه بقلب سليم، وهو السلام من العباد والمشرف بالقرب من جناب الإسلام المطلق الذي لا مثنوية في وصفه، والمراد بالانتكاس في صفاته أن يكون عقله أسِيرَ شهوته وغضبه، والحق عكسه، وهو أن تكون الشهوة والغضب أسير العقل وطوعَه، فإذا انعكس فقد انتكس، ولا سلامة حيث يكون الأمير مأمورًا والملك عبدًا، ولن يُوصف بالسلام والإسلام إلا من سلم المسلمون من يده ولسانه، اللهم أنت السلام ومنك السلام، حيِّنا ربنا بالسلام، واجعلنا سالمين عن الانتكاس والانعكاس حتى نأتيك بقلب سليم.
وقوله:(المؤمن) مفيد الأمن للبَرِيَّة بخلق أسباب الأمان والآلة؛ كالأعضاء والحواس، وسائر الأسباب من الأغذية والأدوية والبيوت والحصون والأسلحة والجنود والأعوان والأنصار، والعبد في أصل فطرته هو عرضة المخاوف والمهالك من الجوع والعطش والأمراض والأعداء وسائر الآفات، فإذا خلق تلك الأسباب فقد آمنهم منها، هذا في الدنيا، وآمنهم من آفات الآخرة بكلمة التوحيد حيث قال:(لا إله إلا اللَّه حِصني فمن دخل حِصني أَمِنَ عذابي)، بل هو حصن من آفات الدنيا والآخرة، وهذا في ذوي الأرواح، وكذلك في ما سواهم ربط بقاءها بأسباب توجب أمانها من الهلاك والعدم.
والكل عرضة لذلك، فلا أمن في العالم إلا وهو مستفاد بأسباب هو متفرد بخلقها، والهدايةِ إلى استعمالها، فهو المؤمن المطلق، ومن جملة إفادة الأمن ما لقّنهم خاصة من الحجج والبراهين على صدق الدين وأنوار اليقين بحفظ الإيمان وتأييدات التوفيق للحفظ والعصمة عن المعاصي، وقد يُجعل المؤمن بمعنى: مصدّق رسله بكلامه وبخلق المعجزات.
ومن حق العبد إذا عرف أن اللَّه تعالى هو المؤمن أن يلتجئ إليه ويستأمن به