للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُهَيمِنُ،

ــ

من جميع الآفات الظاهرة والباطنة، والتخلقُ به: أن يأمن الخلق جانبه، ويعضدهم في دفع الهلاك عنهم في دينهم ودنياهم، وأحق العباد باسم المؤمن من كان سببًا لأمن الخلق من عذاب اللَّه، بالهداية إلى طريق الحق والإرشاد إلى سبيل النجاة، وهذه حرفة الأنبياء والعلماء.

واعلم أن اللَّه تعالى كما هو مؤمن يخلق أسباب الأمن، كذلك هو مخوفٌ يخلق أسباب الخوف، وكونه مَخُوفًا لا يمنع كونه مؤمنًا، كما أن كونه مُعزًّا لا ينافي كونه مذِلًّا، ولكن المخوف لم يَرِدْ به التوقيف.

اللهم آمنا من عذابك ومن جميع الآفات الظاهرة والباطنة، واجعلنا سببًا لأمان خلقك في الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير.

وقوله: (المهيمن) الرقيب المبالغ في المراقبة والحفظ، يقال: هيمن على كذا: صار رقيبًا عليه وحافظًا، كذا في (القاموس) (١)، والفرق بينه وبين الرقيب لما فيه من المبالغة ما ليس في الرقيب.

وقال الغزالي (٢): معناه في حق اللَّه تعالى أنه القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم، وإنما قيامه عليهم باطِّلاعه واستيلائه وحفظه، فكل مشرفٍ على كنه الأمر مستولٍ عليه حافظ له فهو مهيمن عليه، ولن يجتمع ذلك على الإطلاق والكمال إلا للَّه عزَّ وجلَّ، وينبغي للعبد إذا عرف أن اللَّه تعالى مهيمن ورقيب على أحواله الظاهرة والباطنة أن يراقب هذا المعنى فيها فيكون مستحيًا من اللَّه.

وهذا المعنى يسمى مراقبة في لسان القوم، والتخلق به أن يراقب قلبه ويشرف


(١) "القاموس المحيط" (ص: ١١٤٢).
(٢) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>