للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعَزِيزُ،

ــ

على أغواره وأسراره، ويستولي على تقويم أحواله وأوصافه، ويقوم بحفظه على مقتضى تقويمه، فإذا فعل ذلك صار مهيمنًا بالنظر إلى نفسه، فإن اتسع إشرافه واستيلاؤه حتى قام بحفظ عباد اللَّه على نهج السداد كان حظه من هذه الصفة أوفر وأتم، اللهم يا من هو الرقيب الناظر المطلَّع على السرائر والضمائر اجعلنا مراقبين بعلمك ونظرك إلى أحوالنا في الباطن والظاهر، ووفقنا لمراقبة أحوال قلوبنا وتقويمها على نهج الاستقامة، واجعلنا مهيمنين على نفوسنا وتزكيتها عما يوجب الملامة والغرامة، وقائمين بحفظ العباد على نهج السداد والرشاد.

وقوله: (العزيز) الغالب، ومرجعه إلى القدرة المتعالية عن المعارضة، والقوي الشديد، ومنه قوله تعالى: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [يس: ١٤]، أو عديم المثل، والعزيز كثير استعماله في هذه المعاني.

وقال الإمام الغزالي (١): هو الخطير الذي يقل وجود مثله، وتشتد الحاجة إليه، ويصعب الوصول إليه، فما لم يجتمع فيه هذه المعاني الثلاثة لم يطلق عليه اسم العزيز، فكم من شيء يقل وجوده لكن إذا لم يعظم خطره ولم يكثر نفعه لم يسم عزيزًا، وكم من شيء يعظم خطره ويكثر نفعه ولا يوجد نظيره، ولكن [إذا] لم يصعب الوصول إليه لا يسمى عزيزًا؛ كالشمس والأرض لا نظير لهما، وفي كل واحد منهما نفع عظيم، والحاجة شديدة إليهما ولكن لا يوصفان بالعزة؛ لأنه لا يصعب الوصول إلى مشاهدتهما، وليست هذه الصفات الثلاث على الكمال إلا للَّه، فهو العزيز المطلق لا يوازيه فيه غيرُه، انتهى.


(١) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>