في باطنه مغطّاة بجمال ظاهره، وأن جعل مستقرَّ خواطره المذمومة وإرادته القبيحة سرّ قلبه حتى لا يطلع أحد على سر، ولو انكشف للخلق ما يخطر بباله في مجاري وسواسه وما ينطوي عليه ضميره من القبائح لَمَقتوه وأهلكوه، وقد علم بما ذكر أن معنى الغفار والستار واحد، ولكن ليس في هذه الرواية اسم الستار، فلا يحتاج إلى ذكر الفرق بينهما، ولو كان مذكورًا لحملنا الغفار على مغفرة الذنوب، والستارَ على ستر العيوب:
ووجه التخلق بهذا الاسم ظاهرٌ وهو أن يستر عن غيره ما يجب أن يُستر منه، ولا يكافئَ على الإساءة، ولا يُظهر من الخُلق إلا ما هو أحسن منه، اللهم إنك قد سترت علينا المعصية فاسترها عنَّا، وأرسل أستار حفظك بيننا وبين المعاصي حتى لا يجيء إلينا، فهذا هو الستر القوي والفضل العظيم.
وقوله:(القهار) الذي قصم ظهور الجبابرة وأذلهم وأهلكهم، والذي طاحت عند صولته صولة المخلوقين، بل لا موجود إلا وهو مقهور تحت قدرته مسخر لقضائه عاجز في قبضته، كما قال تعالى:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}[غافر: ١٦]، ومَن عَرف أنه القهار خشي بغتاتِ مكره وفجاءةَ قهره، فيكون خائفًا وَجِلًا ملتجئًا إلى جناب لطفه وكرمه، [و] القهار من العباد من قهر أعداءه من الجن والإنس والشياطين، وسدّ مداخلهم حتى لا يُخرجوه عن سلوك طريق الحق، وأعدى عدوِّه نفسُه التي بين جنبيه، اللهم سخّر لنا أعداءنا، وذلّلهم واقهرهم، وسخّر لنا نفوسنا حتى تصير مطيعة لأمرك، ومستسلمة لحكمك، ومطمئنة بذكرك، إنك على كل شيء قدير.
وقوله:(الوهاب) كثير الهبة، دائم العطاء، والهبة الحقيقية هي العطية الخالية عن الأعواض والأغراض، فإن المعطي لغرضٍ مستعيضٌ وليس بواهب، وهو بمعنى