الجواد، لكنه لم يَرِدْ في هذه الرواية، ولن يتصور الجود والهبة حقيقةً إلا من اللَّه تعالى؛ فإنه الذي يعطي كل محتاج ما يحتاج إليه وأكثر وأزيَد من ذلك، لا بعوضٍ ولا لغرضٍ عاجل ولا آجل، والعبد إذا عرف أن اللَّه تعالى هو الوهّاب يرجو ويسأل من فضله، ولا يرجو غيره ولا يسأل من غيره، ولا يتوقع إلا من اللَّه.
وأما التخلق بهذا الاسم فلا يتصور من العبد الجود والهبة الحقيقية؛ فإنه ما لم يكن الفعل أولى عنده من الترك لم يقدم عليه، فيكون فعله لغرض نفسه، لكن الذي يبذل جميع ما يملكه حتى الروحَ لوجه اللَّه تعالى فقط، لا للوصول إلى نعيم الجنة، أو الحذر من عذاب النار، أو لحظٍ عاجلٍ أو آجل مما يعدّ من حظوظ البشرية، فهو جدير بأن يسمى وهّابًا وجوادًا، ودونه الذي يجود لينال نعيم الجنة، ودونه من يجود لينال حسن الأحدوثة، وقد فصَّل الإمام هذا الكلام تفصيلًا في (المقصد الأسنى)(١) فليُنظر ثمة.
ولا يكمل معنى الهبة والجود لعبد من عباد اللَّه إلا لسيد البشر -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنه أعطى وأنعم بإذن اللَّه تعالى من غير غرض ولا لعوض، بل لمحض امتثال أمر اللَّه، وكذلك سائر الأنبياء والمرسلين صلوات اللَّه وسلامه عليهم أجمعين، يا وهاب هب لنا من لدنك رحمة، وهَيِّئْ لنا من أمرنا رشدًا، إنك أنت الوهاب.