ومن عرف أن اللَّه هو الرزاق فلا ينتظر الرزق ولا يتوقعه إلا منه، فيكِلُ أمره إليه، ولا يتوكل إلا عليه، وأما التخلق به فبأن يجعل يده خزانة أرزاق الأبدان، ولسانَه خزانة أرزاق القلوب، فيكون واسطة بين الرب تعالى وعباده في وصول الأرزاق الجسمانية والروحانية بصرف المال والإرشاد والتعليم ودعاء الخير وغير ذلك، ومن رزق ذلك نال حظًا وافرًا من هذا الاسم، اللهم ارزقنا رزقًا واسعًا من فضلك وكرمك، رزقًا لا ينفد ولا يزول، واجعلنا سبب إرزاقك لعبادك الصالحين، أنت الرزاق ذو القوة المتين.
وقوله:(الفتاح) الفتح ضد الغلق، فالفتاح هو الذي يفتح خزائن الرحمة على أصناف البرية، وقيل: معناه: الحاكم بين الخلائق، من الفتح بمعنى الحكم، قال اللَّه تعالى:{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا}[الأعراف: ٨٩] أي: احكم، وقال:{ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ}[سبأ: ٢٦]؛ لأن الحكم فتح الأمر المغلق بين الخصمين، وقيل: هو مبدع الفتح والنصر، قال اللَّه تعالى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}[النصر: ١].
وقوله:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}[الفتح: ١]، وقيل: الفتاح الذي فتح قلوب المؤمنين بمعرفته، وفتح على العاصين أبواب مغفرته، وبالجملة هو اسم جامع لفتح أبواب الخيرات وإفاضة أنواع البركات.
وقال الإمام الغزالي (١): هو الذي ينفتح بعنايته كلُّ منغلِق، وبهدايته ينكشف كل مشكل، فتارة يفتح الممالك لأنبيائه ويخرجها من أيدي أعدائه، ويقول:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}[الفتح: ١]، وتارة يرفع الحجاب عن قلوب أوليائه، ويفتح لهم الأبواب
(١) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ٨٦).