للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعَلِيمُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ،

ــ

إلى ملكوت سمائه وجمال كبريائه، ويقول: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر: ٢]، ومَنْ بيده مفاتيح الغيب ومفاتيح الرزق فبالحري أن يكون فتّاحًا، ومن عرف أنه الفتاح فأدبه أن يجلس على باب كرمه بحسن الرجاء منتظرًا لفتحه، ويكون دائم الترقب لحصول فضله، ومتطلعًا لنيل كرمه، تاركًا للاستعجال، ساكنًا تحت جريان الحكم، والتخلق [به]: أن يكون يسعى في الفصل بين الناس، وانتصار المظلومين، وفتحِ ما يتغلَّق على الخلق، وتيسير ما يتعسر عليهم من الأمور الدينية والدنيوية، ويكون بلسانه بحيث ينفتح مغاليق المشكلات العلمية والمعارف الإلهية.

اللهم افتح علينا أبواب فضلك ورحمتك، واجعلنا حاكمين على أنفسنا بإيضاح الحق وإدحاض الباطل، واجعل ألسنتنا مفاتيح أبواب المعارف، وأيدينا خزائن الأرزاق، إنك أنت الفتاح على الإطلاق.

وقوله: (العليم) بناءُ مبالغةٍ من العلم، وعلمه تعالى محيط بجميع المعلومات ظاهرها وباطنها، دقيقها وجليلها، أولها وآخرها، عاقبتها وفاتحها، وليس علمه مستفادًا من المعلومات بل تكون المعلومات مستفادة منه، وسابق على الأشياء وسبب لها، وعلم العباد بخلاف ذلك، وحظ العبد أن يكون مشغوفًا بتحصيل العلوم الدينية خصوصًا المعارف الإلهية منها المتعلقة بذاته وصفاته، فإن شرف العلم بشرف معلومه، وأشرف المعلومات ذات اللَّه وصفاته، بل العلم بسائر الأشياء إنما تشرف لأنها معرفة لأفعال اللَّه تعالى، أو معرفة إلى معرفة القرب منه، وكل معرفة خارجة منها فليس لها شرف، اللهم ارزقنا علمًا نافعًا وزدنا منه، وعلمنا من لدنك علمًا علمته عبادك المقربين، إنك أنت العليم الحكيم.

وقوله: (القابض، الباسط) يقبض الرزق على من يشاء، ويبسط لمن يشاء، حسيًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>