للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحَكَمُ،

ــ

وقوله: (الحكم) الحاكم الذي لا مردّ لقضائه، ولا مُعَقِّب لحكمه، في (القاموس) (١): الحُكم: القضاء، وقال الغزالي (٢): ومن الحكم ينشعب القضاء والقدر، فتدبيره أصل وضع الأسباب ليتوجه إلى المسبَّبات حكمُه، ونصبُه الأسباب الكلية الأصلية الثابتة المستقرة التي لا تزول ولا تحول كالأرض والسماوات والكواكب وحركاتها المتناسبة التي لا تتغير ولا تنعدم إلى أن يبلغ الكتاب أجله قضاؤه كما قال تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: ١٢]. وتوجيهُ هذه الأسباب بحركاتها المتناسبة المحدودة المقدرة المحسوبة إلى المسببات الحادثة منها لحظة فلحظة قدرُه، فالحكم هو التدبير الكلي والأمر [الأزلي] الذي كلمح البصر، والقضاء هو الوضع الكلي للأسباب الكلية الدائمة، والقدر هو توجيه الأسباب الكلية بحركاتها المقدرة المحسوبة إلى مسبباتها المعدودة بعدد معلوم لا يزيد ولا ينقص، ولذلك لا يخرج شيء عن قضائه وقدره. ومَثَّلَ لذلك بصندوق الساعات التي بها يعرف أوقات الصلوات، وبيَّنه بما لا يخلو ذكره عن تطويل.

وحظ العبد منه: أن يستسلم لحكمه، وينقاد لأمره، ويرضى بقضائه، والتخلق: أن يحكم العبد ويقضيَ على نفسه بتدبير الرياضات والمجاهدات، وتقدير السياسات التي تفضي إلى مصالح الدنيا والدين، ولذلك استخلف اللَّه عباده في الأرض واستعمرهم فيها لينظر كيف يعملون، وهذا بحكم الظاهر، والكل على حسب قضاء اللَّه وقدره، وتدبير العبد أيضًا بتقدير اللَّه.


(١) "القاموس المحيط" (ص: ١٠١١).
(٢) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>