للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْغَفُورُ، الشَّكورُ، العَلِيُّ،

ــ

العاقل صفاتهم امتلأ بالهيبة صدره، وأعظم البشر بل كل المخلوقات سيد المرسلين محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، اللهم عظّم جلالك في قلوبنا، وصغّر الدنيا بأعيننا، واملأ قلوبنا بعظمتك حتى نستحقر في جنبها كل ما سواك.

وقوله: (الغفور) بمعنى الغفار، والفرق بينهما -وكلاهما صيغة المبالغة-: أن المبالغة فيه من جهة الكيفية، وفي الغفار باعتبار الكمية، فالغفار ينبئ عن كثرة المغفرة ووقوعها مرة بعد أخرى؛ فإن الفعّال ينبئ عن كثرة الفعل، والفعول عن كماله وشموله، فهو غفور بمعنى أنه تام الغفران وكامله، حتى يبلغ أقصى درجات المغفرة بتعلقها بالذنوب العظيمة. وقيل: الغفور من إذا غفر من عبد نوعًا من الذنب غفر من جميع العباد ذلك النوع، والتخلق فيه ظاهر.

يا غفار يا غفور يا عظيم المغفرة تُدْعَى لكل عظيم اغفر الذنب العظيم؛ فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم.

وقوله: (الشكور) هو الذي يعطي الثواب الجزيل على العمل القليل، وأيُّ ثواب أجزل وأعظم من ثواب الآخرة على العمل بأيام معدودة في الدنيا، ويقال: هو المثْني على عباده المطيعين، وقيل: معناه: المُجازِي عبادَه على شكرهم، فيكون الاسم من قبيل المشاكلة كما في تسمية جزاء سيئة سيئةً، وحظ العبد منه: أن يعرف نعم اللَّه تعالى عليه، ويشكره عليها، ويعرف أن خروجه عن عهدة شكره تعالى غير ممكن، وأن يشكر الناس بمجازاتهم عليها أكثر مما صنعوا إليه، والثناء عليهم والدعاء لهم، اللهم اجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها قابليها، وأَتِمَّها علينا، واجعلنا من عبادك الشاكرين، واجز من أنعم علينا خيرًا في الدنيا والدين.

وقوله: (العلي) هو الذي لا رتبة فوق رتبته، وجميع المراتب منحطة عنه،

<<  <  ج: ص:  >  >>