للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذلك لأن السبب فوق المسبَّب بالرتبة، وهو تعالى مسبِّبُ جميع الأسباب، وإليه تنتهي مراتب العلية والفاعلية، وأيضًا الموجودات تنقسم إلى ميت وحي، والحي ينقسم إلى ما ليس له إلا الإدراك الحسي وهو البهيمة، وإلى ما له مع الإدراك الحسي الإدراك العقلي، والذي له الإدراك العقلي ينقسم إلى ما يعارضه في معلوماته الشهوةُ والغضب وهو الإنسان، وإلى ما يَسْلَمُ إدراكه عن معارضة المكدّرات، والذي سلم ينقسم إلى ما يمكن أن يبتلى به ولكن رُزِقَ السلامةَ كالملائكة، وإلى ما يستحيل ذلك في حقه وهو اللَّه سبحانه وتعالى فهو فوق الكل في الرتبة، هكذا ينبغي أن تُفهم فوقيته وعلوه. فإن هذه الأسامي وضعت أولًا بالإضافة إلى إدراك البصر وهو درجة العوام، ولمَّا تنبه الخواص لإدراك البصائر ووجدوا بينها وبين الأبصار موازنات، استعاروا فيها الألفاظ المطلقة، ففهِمها الخواص وأنكرها العوام الذين لم يجاوز إدراكُهم عن الحواس التي هي رتبة البهائم.

وإذا فهمت هذا [فقد] فهمت كونه فوق العرش؛ لأن العرش فوق جميع الأجسام، والموجود المنزه عن التحدد والتقدر بحدود الأجسام ومقاديرها فوق الأجسام كلها في الرتبة، ولكن خص العرش لأنه فوق جميع الأجسام، فإن كان فوقها كان فوق جيمعها.

وحظ العبد: أن يبذل جهده في العلم والعمل حتى يفوق جنس الإنس في الكمالات، ويعلوه في المراتب والمقامات من بني نوعه، ولكن لا يكون عليًّا مطلقًا؛ إذ لا ينال درجة إلا ويكون في الوجود [ما هو] فوقها، وهو درجات الأنبياء مع تفاوتها، وأعلى الدرجات درجة نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، والعلي المطلق هو اللَّه جلّ جلاله وتعالى شأنه.

اللهم يا علي المتعال بلغنا إلى المنزل الرفيع والمقام العالي بالكمال في العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>