والعمل، وارفعنا إلى أعلى الدرجات في الفضائل والكمالات، ثم اخفض أبصارنا بالنظر إلى رؤية علومنا وأعمالنا برفعها إلى كمالات سيد الكائنات، عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات، فنكون مقتبسين من أنواره ومستفيضين من أسراره في الحياة وبعد الممات، برحمتك يا أرحم الراحمين.
وقوله:(الكبير) ذو الكبرياء، والكبرياء عبارة عن كمال الذات، والمراد بالكمال كمال الوجود، وكمال الوجود يرجع إلى شيئين:
أحدهما: دوامه، ويقال إذا طال مدة وجود الإنسان: إنه كبير السن، وإذا كان طويل الوجود كبيرًا، فالدائم الأزلي الأبدي أولى بأن يكون كبيرًا، ثم لا يقال: عظيم السن، فالكبير يستعمل فيما لا يستعمل فيه العظيم، وبهذا يظهر أنهما ليسا بمترادفين.
ثانيهما: أن وجوده هو الوجود الذي يصدر عنه كل موجود، فالكبير يكون بمعنى كامل الذات تام الوجود، والعظيم بمعنى كامل الصفات رفيع القدر عالي المرتبة.
والتخلق: أن يجتهد في تكميل نفسه حتى يكبر بدوام ذكره وآثار فضله، ويسري كماله إلى غيره بالإفاضة والإرشاد، اللهم صغرنا بشهود عظمتك وكبريائك، وخُصنا بهدايا نعمائك وآلائك، واجعلنا في أعيننا صغارًا، وفي أعين الناس كبارًا، إنك على كل شيء قدير ياعظيم يا كبير.
وقوله:(الحفيظ) حافظ الموجودات بإبقائها بصيانة المتضادات المتعاديات بعضها عن بعض، كالعناصر في المواليد بالتركيب والمزاج بتعديل قواها، وبخلق الآلات والجوارح في ذواتها الخارجة عنها كالأسلحة، وخلق المعرفة والهداية إلى إعمالها واستعمالها، وبخلق الحواس التي هي كالجواسيس المنذرة بقرب الأعداء