للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والآفات كالعين والأذن وغيرهما، وكذلك شمل حفظُه -جلت قدرته- كُلَّ ذرة في ملكوت السماوات والأرض، حتى الحشيشُ الذي ينبت من الأرض يحفظ لبابه بالقشر الصلب، وطراوته بالرطوبة، وما لا يحفظ بمجرد ذلك يحفظ بالشوك النابت منه، فالشوك سلاح النبات كالقرون والمخالب والأنياب للحيوانات، وكل قطرة من ماء فمها حافظ يحفظها عن استحالتها هواء، وقد ورد في الخبر: أنه لا تنزل قطرة من المطر إلا ومعها ملك يحفظها إلى أن تصل [إلى] مستقرها من الأرض وذلك حق، والمشاهدة الباطنة لأرباب البصائر قد دلت إليه فامنوا بالخبر من غير تقليد بل عن بصيرة، ومن حفظه تعالى إبقاء الإيمان للمؤمنين، وحفظ عقائدهم عن الزيغ والزلل، وصيانة عقود أوليائه في حفظ التوحيد، وأبوابُ حفظه تعالى كثيرة لا تحصى ولا تتناهى.

وقد يقال: الحفظ صون الشيء عن الزوال والاختلال إما في الذهن وبإزائه النسيان، وإما في الخارج وبإزائه الضياع، والحفيظ يصح إطلاقه على اللَّه تعالى بكل واحد من المعنيين؛ فإن الأشياء كلها محفوظة في علمه تعالى لا يمكن زوالها عنه بسهو أو نسيان، وأنه تعالى يحفظ الموجودات من الزوال والاختلال، والحفيظ من العباد من يحفظ جوارحه عن المعاصي، وقلبَه عن ذكر ما سوى اللَّه، وسرَّه عن ملاحظة الأغيار، ويحفظ جميع أحواله عن الخروج من حد الاستقامة والاعتدال.

اللهم احفظنا في جميع الأحوال، من جميع الآفات والمخافات والأهوال، واحفظ إيماننا مما يوجب النقص ويورث الزوال، واحفظ أحوالنا عن الاختباط والاختلال، وعقولنا عن النقصان والجنان، وكف جوارحنا عن المعاصي، وقلوبنا عن ذكر ما سواك، وأسرارنا عن ملاحظة ما يوجب الإشراك، واعصمنا عن كل ما يخرجنا عن حد الاستقامة في جميع الأوقات والأحوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>