للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْجَلِيلُ،

ــ

الشرف، ومن عرف أن اللَّه هو الكافي ينبغي أن يكتفي به، وبحسن تدبيره، ويتوكل عليه في جميع أموره: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣]، وإذا عرف أنه يحاسبه ويَعدُّ عليه أنفاسه يضبط أفعاله ويحسن أحواله، وإذا عرف أن له الشرف والكمال ظهر عليه خساسة نفسه ودناءتها فلا يتكبر بذاته ولا يُعجب بفعله.

والتخلق به: أن يتسبب لكفاية حاجات المحتاجين وسد خلتهم، ويحاسب نفسه قبل أن يحاسب، ويشرِّف نفسه بالمعرفة والطاعة.

قال الإمام الغزالي (١): ليس للعبد مدخل في وصف الكفاية إلا بنوع من المجاز بعيدٍ، وبالإضافة إلى بادئ الرأي وسابق الظن العامي، كالأم لطفلها في القيام بتعهده، والأستاذ لتلميذه حتى لم يضطر إلى الاستعانة بغيره، وفي الحقيقة اللَّه هو الكافي، اللهم أنت ربنا وأنت حسبنا وكافينا فاكفنا شر من ظلمنا، وكن لنا كافيًا في جميع المهمات.

وقوله: (الجليل) هو المنعوت بنعوت الجلال، ونعوتُ الجلال هي: الغنى والملك والقدس والعلم والقدرة وأمثالها، والجامع لجميعها همو الجليل المطلق، والموصوف ببعضها جلالتُه بقدر ما نال من هذه النعوت، والجليل المطلق هو اللَّه سبحانه فقط.

قال الإمام الغزالي (٢): فكأن الكبير يرجع إلى كمال الذات، والجليل إلى كمال الصفات، والعظيم يرجع إلى كمال الذات والصفات جميعًا منسوبًا إلى إدراك البصيرة، إذا كان بحيث يستغرق البصيرة ولا تستغرقه البصيرة. ثم صفات الجلال إذا نسبت


(١) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ١١٤).
(٢) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>