شيئًا من الأمور الراجعة إلى صفة الكمال، إما في سائر الأوقات، وإما في عصره، فهو بديع، وأبدعُ المخلوقات محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو الفرد الكامل الأوحد في الاتصاف بصفات اللَّه.
والتخلق بأسمائه تعالى على الإطلاق، اللهم خُصّنا بمزايا كرمك، وبدائع فضلك، وخصائص لطفك وإنعامك، إنك على كل شيء قدير.
وقوله:(الباقي) هو الدائم الوجود الذي لا يقبل الفناء، قال الغزالي (١): هو الموجود الواجب وجوده بذاته، لكنه إذا أضيف في الذهن إلى الاستقبال سمي باقيًا، وإذا أضيف إلى الماضي سمي قديمًا، والباقي المطلق هو الذي لا ينتهي تقدير وجوده في الاستقبال إلى آخر، ويسمى أبديًّا، والقديم المطلق هو الذي لا ينتهي تمادي وجوده في الماضي إلى أول، ويسمى أزليًّا، ومفهوم واجب الوجود بذاته متضمن لجميع ذلك، وإنما هذه الأسامي بحسب إضافة هذا الوجود في الذهن [إلى الماضي والمستقبل] وإلا فهو موجود قبل الزمان وبعده، وإنما يدخل في الماضي والمستقبل المتغيرات.
والتخلق بهذا الاسم بأن يسعى في تحصيل كمال يبقى آثاره بعده، ويَفنى في جلال الحق وكماله حتى يبقى ويَحيى بحياة أبدية، اللهم اجعلنا فانين عنا باقين بك، وارزقنا حياة أبدية بالتخلق بأسمائك وصفاتك، غائبين عن وجودنا بشهود ذاتك.
وقوله:(الوارث) الباقي بعد فناء الموجودات الذي يرجع إليه الأملاك بعد فناء المُلَّاك، وهذا بالنظر الظاهر، وأما في الحقيقة فهو المالك على الإطلاق من الأزل إلى الأبد، ولم يتبدل ملكه ولا يزال، فأرباب المعرفة يسمعون دائما نداءَ: {لِمَنِ الْمُلْكُ
(١) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ١٤٧).