للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"خُلُقٌ حَسَنٌ"،

ــ

خلق حسن) توجيه الحديث لا يخلو عن شيء، فإنه سأل إما عن حقيقة الإسلام ومفهومه، ولا شك أنه عبارة عن الأركان الخمسة التي بني عليها كما مر تفسيره في حديث (١) جبرئيل -عليه السلام-، أو عن خصاله ولوازمه وروادفه وهي كثيرة، فما معنى أنه طيب الكلام وإطعام الطعام، وأفضله من سلم المسلمون من لسانه ويده؟ وكذا الكلام في الإيمان، فإن حقيقته أن تؤمن باللَّه وملائكته إلى آخر ما ذكر في الحديث المذكور، وخصاله وشعبه كثيرة، فما معنى أن الإيمان الصبر والسماحة وأفضله خلق حسن؟

والذي يفهم من كلام الطيبي (٢) في توجيهه أن جوابه عن الإسلام أنه طيب الكلام وإطعام الطعام بعث له على مكارم الأخلاق، أي: ما الإسلام إلا مكارم الأخلاق، ومن ثم سأل أيً الإسلام أفضل؟ أَيْ: أَيُّ الأخلاق أفضل، كأنه يريد أن المسؤول خصال الإسلام، فأشار بها بأنها مكارم الأخلاق، لكنه اكتفى بذكر شيئين منهما هما العمدة، وهي التواضع والسخاوة الواصل أثرهما إلى خلق اللَّه سبحانه، أو لأنهما أدخل وأصلح بحال السائل، ثم سأل أفضل الأخلاق الذي لا يصح الإسلام ولا يتم إلا به، وهي كف النفس عن إيذاء الخلق، فالأول تحلية، والثاني تخلية، قدم ذكر التحلية لكونها المقصودة من التزكية، فصار حاصل الجواب: أن الإسلام تخلية النفس عن الرذائل وتحليتها بالفضائل، وأجاب بأن محصل خصال الإيمان وشعبه الصبر والسماحة إشارة إلى ترك ما نهي عنه وفعل ما أمر به، كما فسر الحسن البصري -رضي اللَّه عنه- بقوله: الصبر عن معصية اللَّه، والسماحة على أداء فرائض اللَّه، والخلق الحسن أفضل خصاله؛ لكونه حاصل أصل


(١) انظر: الحديث (٢)
(٢) "شرح الطيبي" (١/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>