للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَيْهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اجْعَلْهَا عَلَى صَفْحَتِهَا، وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ١٣٢٥].

ــ

وقال القاضي عياض في حديث (فعيي بشأنها إن هي أبدعت): كذلك بضم الهمزة على ما تقدم، وفي أصل ابن عيسى من رواية ابن الحذاء: أبدعت بفتحها، والمعروف ما تقدم، وقال في هذا الحديث الذي نحن فيه: قد رواه العذري: (بدِّع) بغير همزة وتشديد الدال، والمعروف رواية غيره كما ذكرنا، انتهى.

وقوله: (ثم اصبغ) أي: اغمس نعليها اللتين قلد بهما، و (اجعلها) أي: النعل كأنهما شيء واحد (على صفحتها) ليعلم المارة أنه هدي فيأكل منه الفقراء دون الأغنياء، و (الرفقة) بتثليث الراء وسكون القاف: جماعةٌ تُرافِقُهم، والجمع ككتاب وأصحاب وصُرد، كذا في (القاموس) (١)، وإضافة (أهل) إليه بيانية، وليس في بعض النسخ لفظ (أهل)، والصحيح ثبوته، وإنما نهاهم رفعًا للتهمة عنهم، أو قطعًا لطريق الخيانة عليهم، وهذا حكم السابق الذي بعثه مالك البدن معه، وكذلك حكم المالك.

قال في (الهداية) (٢): وإن عطبت البدنة في الطريق، فإن كانت تطوعًا نحرها وصبغ نعلها بدمها وضرب بها صفحة سنامها، ولم يكل هو ولا غيره من الأغنياء [منها]، بذلك أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ناجية الأسلمي -رضي اللَّه عنه-، وإن كانت واجبةً أقام غيرها مقامها، وصنع بها ما شاء؛ لأنه لم يبق صالحًا لما عيَّنه، وهو ملكه كسائر أملاكه.

بقي ما استُشكل: أنه إذا لم يأكله أحد أكلته السباع، وفيه إضاعة المال؟ وجوابه: أن العادة جارية بأن أهل البوادي يتبعون خلفهم فينتفعون، وقد يأتي قافلة أخرى فيأكلون.


(١) "القاموس المحيط" (ص: ٨١٧).
(٢) "الهداية" (١/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>