وهو تفسير مالك والكافة من أهل اللغة والفقه، وبعض الرواة يحذف واو الجمع ويضم لام الإبل على ما لم يسم فاعله، وهو خطأ على هذا التفسير، لكنه يخرَّج على تفسير من فسره بالربط والشد من صرّ يصر، وقال فيه: المصرورة، وهو تفسير الشافعي لهذه اللفظة، كأنما بحبسه لها ربط أخلافها وشدها لذلك، وبعضهم صحح قوله:(تصروا) بفتح التاء وضم الصاد ونصب الراء وإثبات واو الجمع، ولا يصح أيضًا إلا على التفسير الآخر من الصر، وكان شيخنا أبو محمد بن عتاب يقول للقارئ عليه والسامعين منه: اجعلوا أصلكم في هذا الحرف متى أشكل عليكم ضبط قوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ}[النجم: ٣٢]، واضبطوه على هذا المثال فيرتفع الإشكال، ويحكي لنا ذلك عن أبيه، لأنه من صرّى مثل زكّى، انتهى. والتصرية هو حبس اللبن في ضروع الإبل والغنم لتباع كذلك، يغرُّ بها المشتري، والمُصرَّاة هي التي يُفعل بها ذلك، وهي المحفلة، يقال: صرَّيت الماء في الحوض: إذا جمعته، وإن كان من الصرّ كما في بعض الروايات، ففيه أيضًا معنى الجمع، ومنه الصُّرَّةُ.
ثم ذكر بعد النهي عن التصرية حكمه فقال:(من ابتاعها) أي: اشترى الإبل والغنم التي بها صريت، ولم يعلم ذلك (فهو بخير النظرين)، أي: ملتبس بخير النظرين لنفسه، أي: مخير (بعد أن يحلبها) من باب نصر وضرب، وإنما قيد به لأن الغالب أنه لا يحصل العلم إلا بعد حلبها، ولو اطلع عليها قبله كان له الخيار.
وقوله:(وصاعًا من تمر) عطف على الضمير المنصوب في (ردها)، وهو بدل