(فليستعذ باللَّه ولينته) بالقيام وتغير الحالة؛ فإنه مؤثر في دفع ما فيه الرجل كما في حالة الغضب ونحوها، وإنما أمر بالاستعاذة والانتهاء لأن في محاجة الشيطان والمناظرة معه فتح باب الوساوس وزيادتها، ولعله يغلب بالشبه والمغالطات، ولم يقدر أحدكم على دفعه، ولا سبيل إلا الاستعاذة باللَّه تعالى، والطلب منه تعالى أن يدفع شره بالتمسك باسمه الهادي، وقد أمر في القرآن المجيد بالاستعاذة من شر الوسواس، والاشتغال بالرياضة، وتزكية النفس، وتصفية القلب أعلى أقسام الاستعاذة.
واعلم أن الخلاص من اللعين الرجيم لا يحصل إلا بالإعراض عنه، وترك الجدال والتقاول به وإن جاء بصورة النصيحة والإنصاف، فإن كيده مستتر فيه، قالوا: قد جاء الشيطان في صلاة بعض المشايخ وقال: لم تصل هذه الصلاة التي صليتها كما ينبغي فأعدها، قال: لا أعيد، صليت كما تيسر لي وأعتذر إلى ربي سبحانه من التقصير، فألحّ في ذلك، وقال: إني لك لمن الناصحين، هذه عبادة ومقامك عند اللَّه رفيع، فلا تواجهه بمثل هذه الصلاة، قال: لا أعيد وأرضى بنزول مقامي، قال: فإن اللَّه لا يقبل منك مثل هذا العمل، قال: ربي كريم يقبل مني ولا يتأتى مني أكثر من هذا، فانخذل العدو ومضى، والحمد للَّه.
٦٦ - [٤](عنه) قوله: (لا يزال الناس يتساءلون) الظاهر من العبارة أن التساؤل يجري بين الناس بعضهم مع بعض ولا بعد، فقد يتفق السؤال إلى أن يبلغ إلى هذا القول، ويشهد بذلك حديث مسلم (١): (لا يزال الناس يسألونكم عن العلم