(ليس أحدٌ من أوليائك حاضرٌ أو غائبٌ إلا ويرضاني)، وقالت لابنها عمر بن أبي سلمة -وكان صغيرًا-: قم فزوِّجْ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فتزوج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بغير ولي، وإنما أمرت ابنها بالتزويج على وجه الملاعبة، إذ قد نقل أهل العلم بالتاريخ أنه كان صغيرًا، قيل: ابن ست، وبالإجماع لا تصح ولاية مثل ذلك، ولهذا قالت: ليس أحد من أوليائي حاضرًا.
وأيضًا قصة صاحب الإزار، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له:(زوَّجْتُكها)، ولم يسأل هل لها ولي أم لا؟ كما يأتي في (باب الصداق)، وتكلم على حديث أبي موسى:(لا نكاح إلا بولي) بأن محمد بن الحسن روى عن أحمد: أنه سئل عن النكاح بغير ولي أثبت فيه شيءٌ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: ليس يثبت فيه شيء عندي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم هو محمول على نفي الكمال، ويقال بموجبه، فإن نكاح المرأة العاقلةِ تنكح (١) نفسَها نكاحٌ بولي، والنكاح بغير ولي إنما هو نكاح المجنونة والصغيرة، إذ لا ولاية لهم على أنفسهم.
وتكلم على حديث عائشة بأنه رواية سليمان بن موسى، وقد ضعفه البخاري، وقال النسائي: في حديثه شيء، وقال أحمد في رواية أبي طالب: حديثُ عائشة: (لا نكاحَ إلا بوليِّ) ليس بالقوي، وقال في رواية المروزي: ما أراه صحيحًا؛ لأن عائشة -رضي اللَّه عنها- فعلت بخلافه، قيل له: فلم تذهب إليه؟ قال: أكثر الناس عليه، ثم ابن جريج نقل عن الزهري أنه أنكر الحديث، قال أحمد في رواية أبي الحارث: لا أحسبه صحيحًا لأن إسماعيل قال: قال ابن جريج: لقيت الزهري فسألته، فقال: لا أعرفه،
(١) قوله: "تنكح" كذا في الأصل، والظاهر سقوطه، كما في "شرح الزركشي" (٥/ ١٣).