الداخلة في الخامسة، (وأربعون خلفة) بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام وبالفاء: الحامل من النوق، وجاء في رواية:(خلفات في بطونها أولادها).
وقوله:(وما صالحوا عليه فهو لهم) يعني تمام الدية ما ذكرناه، وما صالحوا عليه قليلًا كان أو كثيرًا فذلك، وهذا مذهب الشافعي ومحمد أخذًا بهذا الحديث، ومذهبنا. الديةُ عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما اللَّه مئةٌ من الإبل أرباعًا: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة، تمسُّكًا بحديث السائب بن يزيد: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى في الدية بمئة من الإبل أرباعًا. والحديث الذي تمسك به الشافعي غير ثابت لاختلاف الصحابة، فعلي -رضي اللَّه عنه- يقول: أثلاثًا، ثلاثة وثلاثون حِقَّة، وثلاثة وثلاثون جَذَعة، وأربعة وثلاثون خَلِفَة، وعثمان -رضي اللَّه عنه- يقول: من كل سن ثلاثة وثلاثون، وعمر وزيد بن ثابت والمغيرة وأبو موسى الأشعري يقولون كما قالا، فلو كان صحيحًا لما اختلفوا، مع أن هذا الخبر معارض بقول ابن مسعود: أرباعًا، ولا مدخل للرأي في تقديرات الشرع؛ فلا بد أن يكون مسموعًا، وإذا تعارض الخبران كان الأخذُ بالمتيقَّن أَولى، ولأن ما ذكره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجة الوداع في خطبته كان بمحضر من جماعة، ولم يروِ هذا الحديثَ إلا نعمان بن بشير، وهو في ذلك الوقت في عداد الصبيان، وقد خفي هذا الحديث على كبار الصحابة، حتى اختلفوا بينهم بالحديث كما ذكرنا.
ثم الديات تعتبر بالصدقات، والشرع نهى عن أخذ الحوامل في الصدقات؛ لأنها كرائمُ أموالِ الناس، فكذلك في الديات، وأيضًا الحوامل لا يجوز أن يستحق في شيء من المعاوضات لوجهين: أحدهما: أن صفة الحمل لا يمكن الوقوف على حقيقتها، والثاني: أن الجنين من وجهٍ كالفَصِيل، فيكون هذا في معنى إيجاب الزيادة