للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنيِهَا وَزَوْجِهَا، وَالْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا. . . . .

ــ

كمال الدية، وإن لم ينفخ فلا شيء فيه، ولكن تركنا القياس بالأثر، وقدرناه بخمس مئة لأنه يروى: (عبدٌ أو أمة قيمته خمس مئة)، ويروى: (أو خمس مئة)، وهي حجة على من قدَّرها بست مئة كمالك والشافعي رحمهما اللَّه، ويؤخذ هذه الغرة في سنة، وتكون لورثة الجنين سوى مَن كان ضاربًا، حتى لو ضرب بطنَ امرأته فالقت ابنَه ميتًا، فعلى عاقلة الأب غرَّةٌ، ولا يرث منها لأنه لا ميراث للقاتل.

وقوله: (ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت) في شرح هذه العبارة كلام، وهو أن الظاهر أن يكون المراد بالمرأة التي قضى عليها -أي: على عاقلتها- بالغرة المرأةَ الجانيةَ، فيكون الضمائر في (بنيها) و (زوجها) لها، وكذا في قوله: (والعقل على عصبتها) أي: وقضى بأن العقل، أي: الديةَ على عصبتها، والمراد بالعصبة العاقلة، وهي جماعة تغرمُ الديةَ ممَّن يقع بينهم التناصر، وكان تخصيص التوريث ببنيها وزوجها لأجل أنهم هم كانوا من ورثتها في الواقع، وإلا فالظاهر بأن ميراثها لورثتها أيًّا ما كان، كما قال في الحديث الآتي: (وورَّثَها ولدَها ومَن معهم)، ويتوجه على هذا التوجيه أن بيان وفاة الجانية ليس بكثير المناسبة في هذا المقام، بل المراد موت الجنين مع أمه، كما قال في الحديث الآتي: (فقتلتها وما في بطنها).

فقال الطيبي (١) في توجيهه: إن (على) في قوله: (فقضى عليها) وضع موضع اللام كما في قوله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣] تضمينًا لمعنى الحفظ والرقابة، فيكون المراد بالمرأة هي المجنيَّ عليها، والضمائر لها، إلا في قوله: (على عصبتها) فإنه للجاني، وهذا إذا كانت القضية


(١) "شرح الطيبي" (٧/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>