أنه ولد على الفطرة من الاستعداد للمعرفة والتمكن من قبول الحق والتمييز بين الخطأ والصواب، وقصة غلام الخضر، والحديث الواقع فيه بالنظر إلى عالم الغيب والحقيقة، هذا حاصل ما ذكروه مع توضيح وتنقيح لكلامهم.
وخلاصته أن المراد بالفطرة هو التهيؤ للإسلام والتمكن من الهدى لا الاتصاف بالإسلام وحصوله حقيقة، ولعل مراد من حمل الفطرة على دين الإسلام أيضًا إنما هو التهيؤ له والتمكن؛ إذ القول بحصول حقيقة الإسلام للمولود ظاهر الفساد، فلا خلاف بين التأويلين، ويستأنس ما ذكرنا بقول البيضاوي (١) في تفسير قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم: ٣٠] هي قبولهم للحق وتمكنهم من إدراكه، أو ملة الإسلام فإنهم لو خُلُّوا وما خلقوا عليه أدى بهم إليها، وقيل: العهد المأخوذ من آدم وذريته، انتهى. فجعل على تقدير إرادة الإسلام بمعنى التمكن من إدراك الحق بقوله: فإنهم لو خُلُّوا. . . إلخ، لا حصولها بالفعل حقيقة.
وهذا الذي ذكره في الآية آخرًا أحد الأقوال التي ذكر في تأويل الحديث، وهو أن المراد بالفطرة العهد الذي أخذ اللَّه عليهم وهم في أصلاب آبائهم، فقال:{لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}[الأعراف: ١٧٢]، وهذا القائل إن أراد بالولادة على إقرار الربوبية السابقة المأخوذ يوم الميثاق بقاؤه الآن حقيقة كما هو ظاهر القول الأول في التأويل فقوله، فقد ورد عليه ما ورد على ذلك القائل، وإن أراد التمكن والتهيؤ المذكور في القول الثاني فذاك، فتدبر.
وقد يقال: المراد أن كل مولود يولد على معرفة اللَّه والإقرار بوجوده ووحدانيته