بين المسلمين ومصالحهم، وأن أمره إلى من يلي أمره بعد، متفق عليه بين الصحابة حتى العباس وعلي وليس مخصوصًا روايته بأبي بكر الصديق، لكنه يشكل هنا أنه إن كان الدفع إلى علي وعباس صوابًا فلم لم يدفعها عمر إليهما أولًا؟ وإلا فلم دفعها آخرًا؟ قالوا: منع أولًا على الوجه الذي كانا يطلبانه من التملك، وثانيًا أعطاهما على وجه التصرف فيها كما تصرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
قال الخطابي: وهذه القضية مشكلة جدًا، وذلك أنهما إذا كانا قد أخذا هذه الصدقة من عمر على الشريطة التي شرطها عليهم، وقد اعترفا بأنه قد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ما تركنا صدقة)، وقد شهد المهاجرون بذلك، فما الذي بدا لهما بعد حتى تخاصما، والمعنى في ذلك أنه قد شق عليهما الشركة، وطلبا أن يقسم بينهما ليستبد كل واحد منهما بالتدبير والتصرف فيما يصير إليه، فمنعهما عمر القسم لئلا يجري عليه اسم الملك؛ لأن القسم إنما يقع في الأملاك، ويتطاول الزمان يظن به الملكية، وأشكل من هذا قضية سيدتنا فاطمة -رضي اللَّه عنها-، فإنا لو قلنا: كانت جاهلة بهذه السنة فذاك بعيد، وإن التزمنا ذلك بأنه لا بعد في أنه لم يتفق لها سماع ذلك الحديث فيشكل أنها بعد سماع الحديث عن أبي بكر وشهادة الصحابة بذلك كيف غضبت؟ ولو كان الغضب قبل سماع الحديث كيف لم ترجع عن غضبها حتى امتد، ولم تزل مهاجرة أبي بكر؟
قال الكرماني في شرح (صحيح البخاري)(١): أما غضب فاطمة فهو أمر حصل على مقتضى البشرية وسكن بعد ذلك، وأما هجرانها فمعناه انقباضها عن لقائه لا الهجران المحرم من ترك السلام ونحوه، انتهى، وقد جاء في الأخبار أنه لم يحضر أبو بكر