للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٥٩١٧، م: ٢٣٣٦].

ــ

الشعر حول الرأس من غير أن يقسمه نصفين، وفي (القاموس) (١): سدل الشعر وأسدله: أرخاه وأرسله، وشَعْرٌ مُنْسَدِل: مسترسل، ولا يختص مفهومه بإرساله على الجبين، ولكنه لما كان امتيازه عن الفرق إنما يظهر في الناصية خصوه بذلك، قال الطيبي (٢): أراد بالسدل هنا إرسال الشعر على الجبين مشعرًا بأن أصل مفهومه مطلق قيد في هذا المقام، والفرق: تقسيم الشعر نصفين، جمع أحدهما في جانب يمينه والآخر في يساره بحيث يحصل بينهما خط كالطريق.

ثم اعلم أنهم اختلفوا فمنهم من قال: إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان مأمورًا باتباع شرائعهم فيما لم يؤمر به وكان محبة موافقتهم لذلك، وقد استدل بعض الأصوليين من أصحابنا بهذا الحديث على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه، وذلك فيما علم أنهم لم يبدلوا ولم يحرفوا، فترك السدل واتخاذ الفرق بعد ذلك يكون بالوحي، فيكون ناسخًا، فيكون الفرق واجبًا إن أمر بوجوبه وإلا فسنة، وقال البعض: موافقته لهم كانت باجتهاد منه -صلى اللَّه عليه وسلم- استئلافًا لقلوبهم، فلما أغناه اللَّه عنهم صرح بمخالفتهم، وذلك أيضًا باجتهاد منه، فيكون كلا الأمرين جائزًا، ولذلك اختلف السلف ففرق بعض، وسدل آخرون، وقد جاء في الحديث: (إن انفرقت عقيقته فرق وإلا فلا) (٣)، وبعضهم قالوا: بأن الفرق أفضل، قال مالك: الفرق أحب إليّ، هذا كلام القاضي عياض، فتدبر.


(١) "القاموس المحيط" (ص: ٩٣٣).
(٢) "شرح الطيبي" (٨/ ٢٤٩).
(٣) أخرجه البغوي في "شرح السنة" (١٣/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>