للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا، وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا. فَقَالَ: "قُولُوا قَوْلَكُمْ أَوْ بَعْضَ قَوْلِكُمْ. . . . .

ــ

مسلكهم مع رؤساء القبائل، فإنهم كانوا يخاطبونهم بنحو هذا الخطاب، فكره ذلك؛ لأنه كان من حقه أن يخاطبوه بالنبي والرسول، فإنها المنزلة التي لا منزلة وراءها لأحد من البشر، وحول الأمر فيه إلى الحقيقة فقال: السيد هو اللَّه، أي: الذي يملك نواصي الخلق، ويتولى أمرهم ويسوسهم، انتهى.

حاصل هذا الوجه أنه إنما كره طريق الخطاب وسلوكهم مسلك الخطاب مع الرؤساء والملكوك لا أصل ثبوت السيادة، وهو سيد ولد آدم فكيف النسبة إلى أصحابه؟ ثم أشار إلى أن حقيقة السيادة والتولية والمالكية ثابتة للَّه تعالى، لا شريك له في ذلك، ويمكن أن يكون ذلك قبل أن يوحى أنه سيد البشر.

وقوله: (وأفضلنا) قال الطيبي (١): إنه عطف على (سيدنا)، كأنهم قالوا: أنت سيدنا وأفضلنا وأعظمنا طولًا، فكره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الكل، وخصّ الرد بالسيد، فأدخل الراوي كلامه بين المعطوف والمعطوف عليه، انتهى. أي: صرح الرد بالسيد خصوصًا، وإلا فهو رد الكل بقوله: (قولوا قولكم. . . إلى آخره)، وهذا أيضًا على تقدير أن يكون معنى قوله: (قولوا قولكم) كقول أهل ملتكم وما هو من شعار المسلمين، وذلك قولهم: رسول اللَّه، ونبي اللَّه، أو القول الذي جئتم له وقصدتموه؛ أي: دعوا هذا المدح وائتوا بمقصودكم وحاجتكم، كما ذكر الطيبي هذين المعنيين، ولا يخفى أن كليهما بعيد لا يلائمه قوله: (أو بعض قولكم)، بل الظاهر أن معناه كما ذكره بعضهم: قولوا هذا القول أو أقل منه، ولا تبالغوا في مدحي بحيث تمدحوني بشيء يليق بالخالق ولا يليق بالمخلوق، وعلى هذا لا يكون ردًّا للكل، بل الظاهر على هذا المعنى أن


(١) "شرح الطيبي" (٩/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>