وقال الطيبي (١): لعل هذا القائل جعل قوله: (الذين هم فيكم تبع) قسمًا آخر من الأقسام الخمسة وإن كان خلاف الظاهر؛ لعدم ذكره بالواو كما في قرائنه، يعني لما جعله قسمًا آخر بقي نفي الزبر مطلقًا، فيرد الإشكال، ولا يخفى أنه مع ذلك قرينة التخصيص ظاهرة، والظاهر أن قوله:(الذين) بيان أو بدل من (الذي لا زبر له) بذكر نوع منه على طريق التمثيل، أو وصف ثان للضعيف، و (الذي) في معنى (الذين) كما في قوله تعالى: {كَالَّذِي خَاضُوا}[التوبة: ٦٩] أراده بمعنى الجنس، أو المراد بالضعيف الجنس، فتارة وصف بالمفرد باعتبار اللفظ وأخرى بالجمع، والمراد بـ (الذين هم فيكم تبع. . . إلخ) هم الذين يدورون حول الأغنياء يخدمونهم ولا يبالون من أيّ وجه يأكلون ويلبسون من الحلال أو من الحرام.
وقوله:(لا يبغون) بالغين المعجمة بمعنى الطلب، أي: لا يطلبون أهلًا، فأعرضوا عن التزوج، وارتكبوا الفواحش، ولا يطلبون مالًا بكسب حلال، أو لا رغبة لهم ولا ميل إلى أهل ولا إلى مال، بل قصروا هممهم على المآكل والمشارب وحظوظ أنفسهم حلالًا كان أو حرامًا، وفي بعض النسخ:(لا يتبعون) من التبع أو الاتباع.
وقوله:(والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه) الطمع مصدر بمعنى المفعول، أي: مما يمكن أن يطمع فيه وإن كان شيئًا دقيقًا يسيرًا، إن كان خفيًّا عليه يسعى في التفحص عنه والتطلع عليه حتى يجده ويخونه، وقيل:(ولا يخفى) بمعنى لا يظهر، وقد يجيء الخفاء بمعنى الظهور كما قيل في القول المشهور بالحديث