للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٦٦ - [١٤] وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي (١) رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا أَبَا ذَرٍّ (٢)! لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ،

ــ

٥٠٦٦ - [١٤] (أبو ذر) قوله: (لا عقل كالتدبير) أي: النظر في عواقب الأمور وما يترتب عليه من صلاح أو فساد، يعني أن العقل الكامل التام هو هذا، والعاقل الكامل من هذا شأنه، والظاهر أن المراد بالعقل هنا مطلق العلم والإدراك، ولو أريد بالعقل الذي سبق مدحه لم يكن لهذا الحكم كثير فائدة، فافهم.

وقوله: (لا ورع كالكف) استشكله الطيبي (٣) بأنّ الورع هو الكف، فكيف قيل ولا ورع كالكف؟ ثم أجاب بأن المراد كف الأذى أو كف اللسان، فكأنه قيل: لا ورع كالصمت أو كالكف عن أذى المسلمين، انتهى.

ويمكن أن يقال: إن الورع وإن كان بحسب اللغة مفهومه الكف والاجتناب، لكن هو في عرف الشرع شامل لطرفي الامتثال والاجتناب معًا، ولو كان معنا الاجتناب فقط فالاجتناب عن ترك الامتثال بالأوامر أيضًا معتبر فيه البتة، إذ لا يقال المتقي والمتورع لمن يجتنب المنهيات ويكف نفسه عنها، ولا يمتثل بالأوامر، وهذا ظاهر، لكنهم قالوا: إن الاجتناب أهم وأدخل في سلوك طريق الوصول والقرب من رعاية الامتثال، فمن يكتفي في جانب الامتثال بإتيان الواجبات والسنن والرواتب من غير أن يستوفي أقسام النوافل والمستحبات، لكن يهتمّ بالاجتناب ويستوعب أقسامه، ومن يهتم بالامتثال ويستوعب أقسام النوافل، لكنه يرتكب المكروهات لا يتيسر له


(١) قوله: "لي" سقط في نسخة.
(٢) في نسخة: "يا با ذر".
(٣) "شرح الطيبي" (٩/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>