للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرَوَى الدَّارِمِيُّ نَحْوَهُ، وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ إِلَى قَوْلِهِ: "كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ". [د: ٤٦٠٤، دي: ١/ ١١٤، جه: ١٢].

ــ

وقوله: (ومن نزل بقوم) هذا أيضًا مما حكم به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس له ذكر في القرآن، إلا أنه قد قيل: إنه ليس بمحرم، ولذا أخرجه من سياق المنهيات، ولم يقل: إنه لا يحل للمضيف أن لا يكرم ضيفه، بل مكروه وخارج عن سمت المروة؛ لأن قرى الضيف ليس بواجب، فعلى هذا كلمة (على) ليس للوجوب، بل المراد: على طريق السنة والاستحباب.

وقيل: كان واجبًا في أول الإسلام ولهذا قال: (فإن لم يقروه) بفتح الياء وضم الراء من قَرَى الضيفَ قِرًى بالكسر والقصر، والفتح والمد: أضافه.

وقوله: (فله أن يعقبهم) من الإعقاب، وقد يجعل من التعقيب أن يعقِّبهم ويجازيهم من صنيعهم، أي: يأخذ منهم بدلًا مما فاته، ثم نسخ لفرضية الزكاة.

وقال التُّورِبِشْتِي (١): قد كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يبعث السرايا، وكانوا سكان البوادي والمفاوز لا يقام لهم سوق، فشدد عليهم في القِرى ليقيموا للسرية الغاربة ما يبلغون به، ولعل الأمر بأخذ مقدار القِرى من مال المنزول به كان من جملة العقوبات التي شرعت في الأموال زجرًا للمتمردين، كالأمر بتحريق متاع الغالِّ، وأخذ نصف المال من مانعي الزكاة، انتهى.

وقيل: هذا في المضطر الذي لا يجد طعامًا ويخاف على نفسه التلف.


(١) "كتاب الميسر" (١/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>