ظاهر الحديث الآتي في آخر (الفصل الثالث)، وبأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد عرف أن عمل هذا بلا شهادة يساوي عمل ذلك مع شهادة بسبب مزيد إخلاصه وعقله ومعرفته، ثم زاد بما عمل، فليس كل من استشهد يفضل على غيره على الإطلاق، بل قد يفضل عليه غيره، وكفى في ذلك حال الصديق وغيره من أكابر الصحابة.
وقوله:(فأما الذي) أفرده وذكره بتأويل الأمر الذي، وجمع الضمير وأنثه في (عليهن) باعتبار كونها عبارة عن خصال ثلاث.
وقوله:(فإنه ما نقص مال عبد من صدقة) الظاهر أن المراد عدم النقصان من جهة حصول البركة والثواب، وأنها غير مقيدة بالاستثناء المذكور بعد الخصلة الثانية، وإن احتملت العبارة لذلك، وقال الطيبي به (١)، وذلك بعيد لفظًا ومعنى، أما لفظًا فلأنه لو أريد تقييد الخصال الثلاث بالاستثناء المذكور تحت كل منهما على حدة وتحت المجموع واحدة، وأما معنى فلأن كون زيادة العز جزاء للمظلومية التي هي مستلزمة للذل أظهر من كونه جزاء لنقص المال بالصدقة؛ فإن الظاهر في جزاء الصدقة إطفاء الغضب وحصول البركة في المال، وإن صح باعتبار أن بعض المال قد يفضي إلى الفقر، وهو سبب لحصول الذل، وأيضًا الظاهر على تقدير تعلق الاستثناء بكليهما أن يقال:(بهما) بضمير التثنية، فليفهم.