للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّهُمْ لَنْ يَزَالُوْا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مذْ فَارَقْتَهُمْ. فَأَقُوْلُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إِلى قَوْلِهِ: . . . . .

ــ

وقوله: (أصيحابي أصيحابي) مكررًا على صيغة التصغير لقلتهم، وقد يروى مكبرًا، والأصحاب صيغة جمع قلة، والأول أوفق بقوله: (إن ناسًا من أصحابي).

قال الكرماني (١): لم يرد به خواص أصحابه ولا بالردة الرجوع عن الدين، وإنما هو التأخر عن بعض الحقوق، ولم يرتد بحمد اللَّه أحد من أصحابه، وإنما ارتد قوم من جفاة العرب من المؤلفة، انتهى.

وقال الخطابي (٢): لم يرتد أحد من الصحابة، وإنما ارتد قوم من جفاة الأعراب ممن لا بصيرة له في الدين، وذلك لا يقدح في الصحابة المشهورين، وليس المراد الارتداد عن الإِسلام، بل الخروج عن حد الاستقامة، وإساءة السريرة، والرجوع عما كانوا عليه من محض الإخلاص وصدق النية، والإعراض عن الدنيا، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يخشى عليهم من فتنة الدنيا، وقيل: يجوز استعمال الأصحاب في كل من تبعه أو أدرك حضرته، أو وفد عليه ولو مرة.

وبالجملة حمل بعضهم الردة على الحقيقة، والصحابة على المجاز من جفاة العرب من أصحاب مسيلمة والأسود، وبعضهم الردة على التقصير في بعض الحقوق، والصحابة على غير الخواص من الصحابة، واللَّه أعلم.

وقوله: (كما قال العبد الصالح) وهو عيسى بن مريم.


(١) "شرح الكرماني" (٢٣/ ٣٦).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١١/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>