وقوله:(فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني) طلب العبد شاهدًا من نفسه زاعمًا أنه لا شاهد عليه من نفسه؛ لأنه لا يشهد أحد على نفسه، فهذا موضع غلطه ووقوعه فيما هرب عنه، وهذا الذي أضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقوله:(وبالكرام الكاتبين) هذا زيادة على المراد الأصلي وتأكيد له، وقد يدل مراده وملتمسه، فافهم.
وقوله:(فيقال لأركانه: انطقي) إفراد الضمير باعتبار جماعة الأركان.
وقوله:(ثم يخلى بينه) أي: بين العبد (وبين الكلام) مع أركانه، (فيقول) العبد لأركانه، وهذا أيضًا محل الضحك. و (السحق) بالضم وضمتين: البعد، فيكون تأكيدًا لقوله:(بعدًا)، وله معان تناسب المراد وهو السهك والدق، وسحقت الريح الأرض: عفت آثارها، وسحق الشيء الشديد: لينه، والثوب: أبلاه، والقملة: قتلها، وبالجملة فيه معنى الهلاك والفناء ونحوهما.
وقوله:(كنت أناضل) أي: أخاصم وأدافع، ناضل عنه: دافع، ونضلته: سبقته، وناضله مناضلة ونضالًا: باراه في الرمي، أي: عنكن كنت أخاصم الخصماء وأدافعهم عنكن، وكنت معينًا ناصرًا لَكُنّ في الأمور، ثم شهدتن عليّ، وفضحتموني فيّ وخذلتموني، وجاء هذا البلاء والفضح على هذا العبد لمخاطبة الرب تعالى واحتجاجه