للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٨٥٥ - [٤] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةً فَوْقَ الْجَبَلِ، وَفِرْقَةً دُونَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اشْهَدُوا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٤٨٦٤، م: ٢٨٠٠].

ــ

والالتئام على الفلكيات ممتنع، وكذا قالوا في فتح أبواب السماء ليلة الإسراء، وهؤلاء إن كانوا كفارًا يناظروا على ثبوت دين الإسلام، فإن أسلموا فلا سبيل إلى إنكار ما ثبت في القرآن من وقوع ذلك يوم القيامة، وإذا ثبت ذلك استلزم الجواز والوقوع معجزة لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يعرف هؤلاء أن القمر وجميع الأجرام العلوية مخلوق اللَّه سبحانه وتعالى، يفعل فيه ما يشاء، كما يكورها يوم القيامة، وقال بعض الملاحدة: لو كان وقع لتناقلته العوام وأهل السير والتواريخ متواترًا، ولاشترك أهل الأرض كلهم في معرفته، ولم يختص بها أهل مكة؛ لأنه أمر صدر عن حس ومشاهدة، والدواعي متوفرة على رواية كل غريب ونقل ما لم يعهد.

والجواب بأنه طلبه قوم خاص كما حكاه أنس فأراهم ذلك ليلًا، وكثير من الناس نيام، وكان ذلك في قدر لحظة، وقد يكون القمر حينئذ في بعض المنازل التي يظهر لبعض أهل الآفاق دون بعض كما يكون ظاهرًا لقوم غائبًا لقوم، وكما يجد الكسوف أهل بلد دون أهل بلد آخر مع أنه قد روي أنه قد رآه غير أهل مكة أيضًا كما ذكرنا من أخبار السفار، وقد أبدى الخطابي حكمة بالغة في كون المعجزات المحمدية لم يبلغ شيء منها مبلغ التواتر الذي لا نزاع ولا خلاف كالقرآن ما حاصله: أن معجزة كل نبي كانت إذا وقعت عامة أعقبت هلاك من كذب بها من قومه، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث رحمة للعالمين، فاقتصر على الحاضرين المكذبين المتمردين الغالين في العتو والاستكبار.

٥٨٥٥ - [٤] (ابن مسعود) قوله: (فرقتين) قد علم شرحه في الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>